الاثنين، 3 سبتمبر 2012

المسجد الإبراهيمي مشهد احتلال ورمز صمود: جولة مصورة في المسجد الإبراهيمي في الخليل

المسجد الإبراهيمي مشهد احتلال ورمز صمود


المسجد الإبراهيمي


سأعرض في هذه  المشاركة عرضا مصوّرا لزيارتي للمسجد الإبراهيمي أو ما يعرف بـ: "الحرم الإبراهيمي" في الخليل، لكن قبل البدء سأعرف بالمكان وسرّ قدسيته عند  أهل الديانات السماوية:


المسجد الإبراهيمي مقام على  ما يعتقد أنه " الغار الشريف أو المكفيلة"، ويعتقد أن هذا هو الغار المذكور في التوراة واشتراه سيدنا ابراهيم عليه السلام ليتخذه مدفنا، فدفن فيه زوجته سارة،  وبعد وفاته دُفن إلى جانب زوجته، ويزعم البعض أن في أسفل الغار توجد أيضا قبور  كل من سيدنا اسحق عليه السلام وزوجته  رفقة وسيدنا يعقوب عليه السلام وزوجته لائقة وهناك زعم بوجود قبر سيدنا يوسف عليه السلام أيضا. والأضرحة الموجودة داخل المسجد في الأعلى ليست  قبورا وانما أضرحة مقامة فوق الغار، ورغم عدم وجود أي دليل على وجود قبور تحت الأضرحة‘ إلا أن هذا هو الاعتقاد السائد والذي يتسبب إلى يومنا في احتلال جزأ من البلدة واستيطان بيوتها وتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا.

البناء القائم حاليا هو نتاج عدة أعمال بناء  واعمار في عصور مختلفة، فابتدأ بسور روماني مكوّن من حجارة ضخمة تم سقفه في وقت لاحق ثم انتهى إلى ما هو عليه الآن مسجدا ، ولمن أراد الخوض أكثر في تاريخ المكان وعمارته   فعليه بالبحث في الشبكة العنكبوتية، فالمعلومات المتاحة فيها غزيرة ومفيدة.


وسأبدأ  بالحديث عن الزيارة: أنزلنا سائق سيارة الأجرة عند هذا الباب ذي اﻻتجاه الواحد والذي يمر منه المغادرون للمسجد فقط،  وقد لفت انتباهي  وجود التكية الإبراهيمية عنده:

باب مجهز بآلة حديدية لا تسمح الا بخروج شخص واحد ولا تسمح بالدخول إلى المسجد الإبراهيمي بجانب التكية الإبراهيمية

والتكية الإبراهيمية جمعية خيرية تعمل على  تقديم الطعام للفقراء مجانا، يعود عمرها لزمن صلاح الدين الأيوبي، والطعام المقدم في العادة  هو "شوربة ابراهيم" المعدّة من  القمح المسلوق، وتقدم اللحم مرتين في الأسبوع ووجبات خاصة في رمضان.
  وقفنا عند الباب  نتأمل كيف سندخل من باب ذي اتجاه واحد، وما هي  الا لحظات حتى   اقترب منا فتيان يسألان: تقصدان المسجد الإبراهيمي؟ فأجبنا أنه غايتنا، فقالا إذن  اتبعانا.
في أزقة البلدة القديمة في الخليل في طريقنا إلى المسجد الإبراهيمي




سوق خزق الفار أحد معالم البلدة القديمة في الخليل وأحد معالم تحدي أهل الخليل للمستوطنين وأطماعهم 


اصطحبنا الفَتيان  من خلال أزقة سوق اسمه "خزق الفار"، وهما يسيران ويحدثان عن المكان وعن أهله وعن  العدو الذي لن يستطيع اخراجهم منه مهما فعل، ومن الأشياء اللافتة للانتباه  في هذا المكان شِباك معدنية تغطي بعض الأزقة وضعها أهل المنطقة لتحميهم من القاذورات والقمامة التي يلقيها عليهم المستوطنون الذين احتلوا المكان.

بعد  دقائق وصلنا إلى ممر حديدي به أبواب تدور باتجاه واحد ولا يستطيع المرور منها إلا شخص واحد وبعدها بوابة الكترونية:
ممر حديدي ببوابات باتجاه واحد


 وبعده بأمتار توجد نقطة تفتيش  أخرى عليها جنود يفتشون الزائر بعد أن يمر على بوابة الكترونية  دون أن تصدر أي صوت والا فعليه أن يتفقد ما معه من مواد معدنية ويعيد الكرة، تماما كما يحدث في المطارات.


نقطة تفتيش الكترونية قبل الدخول إلى المسجد الإبراهيمي


ثم اتجهنا  نحو المسجد فكانت هذه الأدراج التي تؤدي إلى نقطة تفتيش الكترونية أخرى ومن ثم تصل  إلى باب المسجد:


السلالم المؤدية إلى مدخل المسجد الإبراهيمي



وكان أول ما سألت عنه في هذا المكان حجارة السور العملاقة التي طالما سمعت عنها، ولم أكن ببعيد، فقد أشار  أحد الأشخاص الموجودين  أن انظر إلى يمينك ترى ما تريد، فوجدت هذه الحجارة العملاقة التي يجاوز طولها السبعة أمتار، والتي ستبقى حقيقة حملها واستخدامها في البناء سرا، فالبعض يعتقد أنها بنيت في زمن سيدنا سليمان والبعض الآخر يعتقد أنها بنيت في زمن هيرودوس، وفي كلتا الحالتين وجودها دلالة على قدرة غير عادية في الهندسة والبناء.


حجارة ضخمة طولها حوالي سبعة أمتار في سور المسجد الإبراهيمي في الخليل

حجارة ضخمة يبلغ طوالها حوالي سبعة أمتار في سور المسجد الإبراهيمي في الخليل 
ثم اتجهت إلى أعلى حيث وجدنا نقطة التفتيش الاكترونية التي ذكرتها سابقا وعليها جنديان  كما في الصورة ومن ثم تصبح داخل المسجد:


نقطة تفتيش عند باب المسجد


بعد نقطة التفتيش هذه دخلنا إلى المسجد، وكان أول شيء أمامنا على اليمين هذه النافذة التي تطل على ضريح:


ضريح سيدتنا سارة  زوج سيدنا ابراهيم عليه السلام  وكاميرا المراقبة واضحة فوق المكان


انه ضريح  سيدتنا سارة زوج ابراهيم عليه السلام:


ضريح سارة زوج ابراهيم عليه السلام


وهكذا يبدو من الداخل:



ضريح سارة زوج ابراهيم عليه السلام

ثم تكمل طريقك باتجاه اليسار فيُقابلك مُصلّى الجاولي أو الجوالية وعلى اليمين باب يؤدي إلى ما يسمى بالاسحاقية، وهناك رحّب بنا الشيخ محمد الرفاعي (تمّ تقديمه على أنه أحد مشايخ الطريقة الرفاعية) وبدأ يقدّم لنا شرحا عن المكان، وقد قمت بتسجيل شرحه كاملا، وكان أول ما تحدث عنه هو:

جريمة المستوطن باروخ غولدشتاين الذي تسلل فجر 27 رمضان الموافق لـ 25 فبراير من سنة 1994 إلى المسجد وأطلق النار والقنابل على المصلين فقتل 29 وجرح 185 منهم، وأغلق بعدها المسجد شهورا عديدة، ومن بعدها احتل الصهاينة أجزاء كبيرة منه، فاحتلوا اليعقوبية (التي بها ضريح سيدنا يعقوب عليه السلام وزوجته لائقة رضي الله عنها) والحضرة الإبراهيمية (التي بها ضريح سيدنا ابراهيم عليه السلام وزوجته سارة رضي الله عنها) واليوسفية وساحات الحرم وهي تعادل 65% من مساحة المسجد ولم يبق في حوزة المسلمين إلا الاسحاقية (التي بها ضريح سيدنا اسحق عليه السلام وزوجته رفقة رضي الله عنها) والجوالية.


الاسحاقية بها العديد من المعالم، فتجد فيها أولا ضريح سيدتنا رفقة وبمحاذاته ضريح سيدنا اسحق وبين الضريحين يوجد المحراب ومنبر صلاح الدين كما هو ظاهر في الصور أدناه:

ضريح رفقة رضي الله عنها زوج سيدنا اسحق عليه السلام وعلى يمين الضريح المحراب والمنبر وضريح سيدنا اسحق عليه السلام

ضريح سيدنا اسحق عليه السلام وعلى اليسار ضريح زوجته رفقة وبينهما المنبر والمحراب، وأمامه فتحة الغار الشريف وخلفه السلالم المغلقة المؤدية إلى الغار

منبر صلاح الدين ومحراب المسجد الإبراهيمي

ومقابل ضريح اسحق عليه السلام، فتحة على الأرض وقد أقفلت بقفل وقد كتب عليها الغار الشريف، وهي نافذة مغلقة تطل على الغار الذي به القبور، وفي الجهة المقابلة (خلف ضريح اسحق عليه السلام وإلى الجانب الأيمن من منبر صلاح الدين) توجد مكتبة صغيرة بها بعض الكتب، توجه إليها دليلنا الشيخ الرفاعي، ثم انحنى ورفع بيده السجادة، وأشار إلى الأرض وقال هذا مدخل الغار الشريف وهنا مكان السلالم التي تنزل إليه، لكن الملك حسين رحمه الله أمر بإغلاقه فوضع الاسمنت على الفتحة وهي مغلقة من يومها ولا يمكن لأحد الدخول إليها.


فنحة الغار الشريف وهي مغلقة وعلى اليسار باب يؤدي إلى الإبراهيمية

مكتبة صغيرة على يمين منبر صلاح الدين أسفلها فتحة مغلقة بها سلالم تؤدي إلى الغار الشريف

فتحة الغار الشريف المغلقة



ثم عدنا إلى جانب فتحة الغار الشريف حيث بوجد في الجانب الأيسر منه باب باب يؤدي إلى مصلى آخر وعنده ستجد نفسك أمام نافذة عليها قضبان حديدية تطل على ضريح ابراهيم عليه والسلام، وإلى جانب النافذة مكان به أثر قدم، يُعتقد  أنها تعود لسيدنا آدم، لكن الكثيرين يشككون في صحة هذا الاعتقاد. أمام النافذة المطلة على ضريح سيدنا ابراهيم ستلاحظ وجود نافذة في الجهة المقابلة يطلّ منها الزوار اليهود وستسمع أصواتهم المرتفعة وهم يؤدون طقوسهم.


نافذة ضريح ابراهيم عليه السلام


ضريح ابراهيم عليه السلام وعلى اليسار في الجهة المقابلة نافذة كان يطل منها يهود على الضريح


سقف ضريح ابراهيم عليه السلام


أثر قدم على الجانب الأيمن من ضريح ابراهيم عليه السلام


كان ضريح ابراهيم هو آخر شيء ممكن رؤيته من المسجد الإبراهيمي، والباقي لا يسمح للمسلمين بدخوله الا في أيام محددة من السنة، فعدنا أدراجنا وتوجهت إلى التحفة الفنية الموجودة داخل هذا المسجد والتي تسمى بمنبر صلاح الدين والتقطت مجموعة من الصور للمنبر وللمكان بشكل عام:


منبر صلاح الدين الذي صُنِع قبل أكثر من 900 سنة

منبر صلاح الدين مكوّن من أكثر من 3000 قطعة خشبية

منبر صلاح الدين يعتقد أنه صنع في مصر

صنعه الفاطميون ونقل في عهد صلاح الدين الأيوبي إلى الخليل

من أجمل ما في منبر صلاح الدين أنه لم يدق فيه مسمار واحد

زخارف منبر صلاح الدين

منبر صلاح الدين: تحفة فنيّة

سقف المسجد الإبراهيمي

احدى النوافذ العلوية في المسجد الإبراهيمي

صورة مقرّبة من محراب المسجد الإبراهيمي

محراب المسجد الإبراهيمي


ثم اتجهنا خارج المسجد، وأخذت مجموعة من الصور الخارجية للمسجد بأكمله:

مئذنة المسجد الإبراهيمي

صورة للمسجد الإبراهيمي

الزوار الداخلون إلى الجانب المحتل من المسجد الإبراهيمي

وتظهر هنا المنطقة التي يدخل منها الزوار اليهود بدون أي تفتيش:


على يسار الصورة المكان الذي يدخل منه اليهود إلى المسجد الإبراهيمي


ولم تخلو الزيارة من "رزالة" المحتل، فاستوقفنا جندي من جنود الاحتلال وكانت وللأسف لهجته عربية، فطلب أوراقنا الثبوتية، ثم اتصل وطلب التأكد من معلومات وثيقة رفيقي، وقال بامكانك الذهاب أما رفيقك فعليه الوقوف هناك عند الجدار والانتظار حتى نتأكد من معلومات وثيقته، وكانت النتيجة الانتظار حوالي نصف ساعة حتى أشبع رغبته في رؤيتنا واقفين ننتظر أن يفرج عن الوثيقة، وطول ذلك الوقت كان معنا هذا الرفيق خفيف الظل من أهل الخليل:


صديقنا من البلدة القديمة خفيف الظل الذي رافقنا في آخر جولتنا في المسجد الإبراهيمي

وفي الجهة المقابلة تجلى أحد أبهى المناظر، رغم أنف جيش الاحتلال ورغم المستوطنين يرفرف هذا العلم عاليا:

في وسط الصورة يظهر العلم الفلسطني مرفرفا رغم أنف المحتل


وستبقى يا علم عاليا وسترفرف قريبا على كل فلسطين ان شاء الله...




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق