الأحد، 16 ديسمبر 2012

عندما تكون خطبة جمعة عن الدين والاقتصاد والسياسة وأشياء أخرى




اعتلى الخطيب منبر المسجد... حمد الله ثم بدأ يخطب في المصلين، وكان موضوع الخطبة النظام الاقتصادي الإسلامي ومؤامرات الغرب ضد دول العالم الإسلامي.


بدأ الحديث عن تحريم الربا ولإثبات ذلك قرر أن يخوض في الآثار السلبية لاستخدام الربا على دول الغرب وفوائد عدم استخدامه في الدول الإسلامية، ولإثبات السلبيات قرر الخطيب أن يعلن أن الغرب يعاني من نسب عالية جدا في البطالة ومن الأمراض النفسية والعصبية والكوارث الطبيعية والاقتصادية ويتلخص ذلك في موقف واجهه أحد الدكاترة المسلمين أثناء دراسته في الولايات المتحدة عندما كان يشارك في حفل وعند تقديم خمر له امتنع عن الشرب، فسألته دكتورة أمريكية: "ألا تشرب؟ فأجاب بالنفي، فسألته وهل تستطيع النوم دونه، فأجاب بالإيجاب، فقالت:"نحن لا نستطيع النوم دون أن نشرب الخمر حتى ننسى همومنا" ثم علّق أن المسلمين لا هموم لهم تضطرهم لشرب الخمر لنسيانها!!!


ثم عرض لفوائد تطبيق أفكار إسلامية ومن الأمثلة التي ذكرها لأحد المفكرين المسلمين ألقى محاضرة في مؤتمر أسلامي في بنغلادش تأثر بها رئيس الدولة فقرر أن يزرع الأرز بنفسه ثم شرح كيف تحولت بنغلادش إلى دولة منتجة للأرز.


ثم ذكر قصة جميلة حدثت معه شخصيا، عندما سأله منذ سنوات أحد الشخصيات الأمريكية لماذا تخوضون على المنابر في أمور إقتصادية وسياسية وعلمية وغيرها من شؤون الحياة، فأجابه الخطيب أن الإسلام شامل لكل شيء ويعالج كل شيء.


ثم ذكّر الخطيب المصلين بكراهية الغرب للمسلمين وأنهم يكيدون لهم، ويرسلون لهم أدوية فيها نسب من مواد ضارة بغية تقليل عدد المسلمين والتقليل من خطرهم على العالم، ثم ختم الخطبة بقصة يحب أن يذكرها كثيرا: قصة مستشار نيكسون الذين طلب منه نيكسون تأليف كتاب عن المتطرفين الإسلاميين وبعد سنة من الدراسة أعلن هذا المستشار إسلامه والمغزى من القصة طبعا أن الله يجعل كيدهم في نحورهم كما أوضح الخطيب.


دعا الخطيب الله والمصلون يردون "آمين" بأن ينصرنا على أعدائنا ويدمّرهم ويصلح حال ولاة أمورنا ثم طلب إقامة الصلاة.


توجهت بعد صلاتَيْ الفرض والسنة إلى الخطيب وجلست أمامه، وانتظرت حتى انصرف المصلون من حوله، سلمت عليه ثم سألته عن مصدر معلوماته الإقتصادية والعلمية التي يلقيها على مسمعنا من على المنبر، سكت برهة ثم أجاب من بعض القراءات، ثم سألته عن مستشار نيكسون إن كان يعرفه، فأجاب بالنفي، فوضحت له أن المستشار الأمريكي هو الدكتور روبرت ديكسون كرين، فأخرج الخطيب ورقة من جيبه وأعطاني قلما وطلب مني أن أكتب اسمه، ففعلت ثم أكملت سرد ما أعرفه عن سيرة الرجل الذي ما يزال على قيد الحياة والذي تزخر الشبكة العنكبوتية بمعلوات وتسجيلات فيديو له عن نظرياته وأبحاثه وكتاباته عن الإسلام.



الدكتور روبرت كرين


سأختصر القصة لكم هنا كما وردت على صفحة الرجل على ويكيبيديا ومما سمعت منه في تسجيلات فيديو على اليوتيوب: روببرت كرين من مواليد 1929 في كامبريدج، درس في جامعة هارفرد اللغة الروسية، ثم انتقل إلى جامعة ميونخ لدراسة علم الاجتماع الديني. ثم عاد لأمريكا ليدرس العلوم السياسية والتخطيط الاقتصادي وتخصص في الدراسات الصينية السوفياتية وأيضا في النظم القانونية المقارنة والاستثمار الدولي.


كرين أحد مؤسسي مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، وتدرّج في الوظائف إلى أن عمل نائب مدير للتخطيط لمجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض في عهد نيكسون، وفي 1977(في عهد كارتر) عمل لمدة سنة واحدة كمستشار لوزير المالية البحريني.


وفي عهد ريغان وبعد إعلان إسلامه تم تعيينه سفيرا للولايات المتحدة في الامارات العربية المتحدة، إلا أن ذلك لم يرق لسكرتير الدولة حينها آليكسندر هيغ فقام بطرده.


يقول روبرت هيغ عن إسلامه: أنه عرف الإسلام منذ الخامسة من عمره، ومر بتجربة دينية في سن 21 لكنه لم يكن يعلم أن هناك أشخاصا يمكنهم تفسير ما أراه الله في تلك التجربة، إلى حين صار في الـ50 من عمره عندما كان في البحرين حيث التقى برجل مسلم رائع قاله له أنه هناك كلمة واحدة لما يُعبد هي "الله" ويضيف كرين اكتشفت حينها أن المسلمين ليسوا سيئين وأنه لم يختر أن يكون مسلما فقد كان مسلما طيلة عمره وبعدها أعلن إسلامه.


تحوّل بعدها كرين لناشط وداعية وعالم إسلامي وألف عدة مؤلفات وقام بعدة بحوث وهو الرئيس المؤسس نقابة المحامين المسلمين في أمريكا.


من أشهر مقولاته: الغرب متحضر تكنولوجيا لكنه بحاجة للإسلام"، و "المسلمون لا يعرفون دينهم"، وله مؤلفات ودراسات عديدة عن الإسلام كما له عدة محاضرات حول أنواع العصبيات وعن التطرف.


تفاجأ الخطيب بهذه المعلومات، التي تختلف تماما عن ما قال عن الرجل في خطبته، بعدها قلت له:" في كل جمعة تصعد للمنبر  وتخطب في مئات المسلمين، وتذكر الكثير من المعلومات، فأرجو منك أن تتوخى الدقة في المعلومة، في وقت لم يعد من الصعب الحصول عليها، فاستوقفني وأمسك الورقة ذاتها ودوّن عليها بخط صغير "دقة المعلومة"، ثم تابعتُ: "لا يمكن أن تتحدث في أمور اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية دون أن تتوفرعندك المعلومات الكاملة في الموضوع أو تكون من أهل الاختصاص"، فهمس الشيخ قائلا: "لا أخفيك أنا لا أعرف استخدام الأنترنت"، ثم افترقنا أنا والشيخ وراح كل منا في حال سبيله.



ملاحظة: الخطيب يعمل طبيب أطفال.


ما أعرفه عن كرين كان بعد بحث بسيط قمت به بعد إحدى الخطب التي ذكره فيها الخطيب، ويمكن البحث أكثر عنه على الأنترنت، مع العلم أن هناك بعض المواقع والمنتديات تذكر عن روبرت كرين نفس ما ذكره عنه الخطيب وأكثر، أنصحكم بترك هذه المواقع وقراءة مقاطع من مؤلفات الرجل أو مقالات عنه من مواقع مختصة أو الاستماع لتسجيلات فيديو له وخصوصا أنه لا زال على قيد الحياة، وهذا رابط صفحة الويكيبيديا الخاصة به:
http://en.wikipedia.org/wiki/Robert_D._Crane

الخميس، 13 ديسمبر 2012

هل حبا في فلسطين أم لأسباب طائفية


ملاحظة: تاريخ هذه المشاركة 13ديسمبر 2012

معلومات يجب معرفتها عن صلاح الدين

منابر صلاح الدين الثلاثة

منابر صلاح الدين الأثرية الثلاثة من خشب الأبنوس، مكوّنة من آلاف القطع الخشبية التي ركبت بحرفية كبيرة ودون مسامير: منبر اﻷقصى الذي أحرقه الصهاينة، ومنبر الجامع اﻷموي في حلب الذي احترق  في القتال الدائر بين جيش النظام السوري وقوات المعارضة السورية، والقائم منها اﻵن هو منبر المسجد الابراهيمي في الخليل



ملاحظة: تاريخ هذه المشاركة 15 أكتوبر 2012

براءة تغتال: ملالا يوسفزاي


ملاحظة: هذه المشاركة تاريخها 10 أكتوبر 2012

كوكتيل وعصير









في العادة يتنافس هذان المحلان في المناداة على المارة ليبعانهما العصير، لكن أثناء مسيرة 5-10 أمام المسجد الحسيني لم يكن هناك مجال للمناداة بل للبيع وعصر الفواكه فقط.
أنا لست اخوانيا ولا أنتمي لأي حراك، لكن من واجبي ومن حقي أن أعرف ما يحدث في هذا البلد، وهذه شهادتي عما رأيت:
1- كانت مداخل وسط المدينة مغلقة على السيارات، فاضطررت لايقاف سيارتي بعيدا واكمال الطريق سيرا على الأقدام
2- كا


ن هناك تواجد كبير لقوات الأمن بين الحشود، وقوات الدرك كانت في الأماكن المحيطة وقوات الباديةكانت متواجدة أيضا لكن بعيدة عن مناطق التجمع.

3- بعض الزعران كانوا يحملون عصيا شاهدتهم وهم عائدون أدراجهم من المكان

4- التجمع كان أمام المسجد الحسيني وشارع وسط البلد كان مكتظا بالكامل

5- النساء كن يقفن على الأطراف وعلى الأرصفة

6- بعض المشاركين كانوا يرتدون قبعات تدلل على المنطقة التي وفدوا منها

7- المشاركون كانوا يحملون شعارات مطالبة بالاصلاح وبمحاربة الفساد

8- كان البعض يوزعون المياه على المشاركين

9- امتلأت الأسطح والأماكن العالية بالاعلاميين والناشطين الراغبين بالتقاط صور للمسيرة

10- مئذنة المسجد الحسيني والأماكن العالية اعتلاها عناصر الأمن العام

11- تناوب أشخاص على القاء الكلمات من حراكات ومن مناطق مختلفة

12- بعض المعارضين للمسيرة كانوا متواجدين فيها وكانوا يبدون انزعاجهم

13- عناصر الأمن كانوا يراقبون الوضع بهدوء ورزانة مشكورين

14- لست خبيرا في تعداد الجماهير لكن لا يمكن أن أقول أن العدد كان بسيطا كما حاول البعض أن يقلل من شأنهم فقالوا بضعة آلاف، ولا يمكن أن أقول أن العدد كان هائلا كالأرقام الفلكية التي ذكرها البعض.

لكنهم كان كثرا من أبناء هذا الوطن ومن الذين لا يمكن وصفهم بأي صفة سيئة، انهم يحبون هذا البلد بطريقتهم، كما يحب آخرون البلد بطريقتهم

وعند مغادرتي للمسيرة مررت بجانب محلي العصير، فكان بعض الذين شاركوا في المسيرة ممن يرتدون قبعات بيضاء وإلى جانبهم بعض الذين يرفضون المسيرة ويتهكمون على المشاركين لكنهم حضروا للمشاهدة، وقفوا سوية يشربون أكواب عصير بسلام.



ملاحظة: هذه المشاركة تاريخها 6 أكتوبر 2012

السبت، 1 ديسمبر 2012

بين الهزيمة والانتصار ... أشياء أخرى


قرر الكيان الصهيوني أن يشن عقابا سماويا على غزة، واشتق اسم هذا العقاب من التوراة فأسماه "عامود هاعنان" أي عامود الدخان، ليعاقب شعبا محاصرا منذ سنين، شعب يرفض الرضوخ، وليقلّم أظافره التي طالت، وغدت تلقي صواريخا كان قد وصفها زعيم السلطة الفلسطينية بالعبثية، لأنها لا تضر أحدا، لكن ثبت أنها مزعجة لدرجة توجب العقاب.

يأتي هذا العقاب في وقت تتغيّر فيه الأمة وتتغير الظروف المحيطة، ربيع عربي يبزغ هنا وهناك، أنظمة تتغير... وأنظمة تولد من جديد فتغدو أقرب شيئا فشيئا من نبض شعوبها التي تتطلع للحرية والكرامة، وأنظمة تحاول تجنب نفس المصير، وصراع نفوذ وسيطرة على عدة مناطق، ونيران فتن طائفية تتأجج.


ما أن بدأ العدوان وتم اغتيال الشهيد البطل أحمد الجعبري، حتى توحّدت فصائل المقاومة تحت سقف غرفة عمليات واحدة، تنسّق وترد على العدو بشكل يشرّف كل فلسطيني وكل عربي ومسلم، لا شك أن ميزان القوى يميل باتجاه العدو، وقد زخرت عدّته بأنواع الأسلحة التي لا مثيل لها في جعبة المقاومة ولا بأي شكل، فلا تصحّ المقارنة، ولا يضع القوتين على ميزان واحد الا ساذج أو مخادع.

انتهى العدوان، وما أن أُعلنت التهدئة حتى تفاوتت الآراء حول الخسارة والانتصار، ووضع كثيرون قواعد خاصة لتمييز النصر من الخسارة، حتى تنطبق صفات المنتصر أو الخاسر كما يحبون هم على من يشاؤون.


بعيدا عن تلك القواعد الخاصة، من فاز ومن خسر؟ كيف سنقرر ذلك؟ قد تكون المقارنة واجبة هنا لتتضح الصورة...

على صعيد الخسائر البشرية الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر بحصيلة بلغت حسب وزارة الصحة الفلسطينية 174 شهيدا و 1399 جريح، ومن يقول غير ذلك فهو إنما يغالط نفسه أو لا يكثرث لهذه الدماء الغالية،والاكتراث هنا كلمة قليلة الحروف لكنها تتسع لمشاعر انسانية تملأ الدنيا خيرا ومحبة، أو لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".


من بين الشهداء وحسب وزارة الصحة الفلسطينية 34 طفلا و11 سيدة و19 مسنا و16 شهيد أعمارهم تقل عن خمس سنوات، وهذه أرقام تعكس نوع الخسارة، وتعكس طبيعة العدوان الوحشية، والتي يجب التركيز عليها إعلاميا.

فيما تمثلت خسائر العدو حسب ما اعترف به هو 6 قتلى وعشرات الجرحى، ومن المرجح أن يكون العدو قد تكتّم عن ذكر خسائره البشرية والعسكرية خاصة بشكل صحيح، لكن هذه الأرقام إن صدقت، تعكس أشياء أخرى يجب الوقوف عندها ولو من باب التأمل العابر والصريح جدا:


- القبة الحديدة وإن فشلت في اعتراض عدد من الصواريخ، إلا أنها نجحت في اعتراض عدد آخر وهذا عامل أدى إلى تخفيف حجم الخسائر البشرية والمادية، في حين لا يحمي الفلسطيني من صواريخ العدو إلا عدم بلوغ الأجل.

- صفارات الإنذار كانت عاملا تحذيريا مهما، يمنح مجالا زمنيا للاختباء، وفي الجانب الآخر، ولحسن الحظ، انه لا وجود لصفارات إنذار في غزة، لأنها كانت ستصفر بلا انقطاع، فالفلسطيني يعيش خطرالقصف في كل لحظة، وكل ما يملكه هو الدعاء بالسلامة.

- وجود ملاجئ ومخابئ للحماية من الصواريخ مهيأة ومؤمنة للحماية من صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية، في حين أن ملجأ الفلسطيني هو سقف بيته، وان كان قريبا من دائرة الأهداف المتوقعة، فالحل هو النزوح إلى بيوت الأقارب، ورغم ذلك فقد شهدنا غارات متكررة على نفس البيت بلغت احداها ست غارات على نفس المنزل المسوّى بالتراب، وكأنما المطلوب هو الموت المحقق الذي لا مجال معه لبقية من حياة.


- القدرة التفجيرية والتدميرية المتواضعة لصواريخ المقاومة مقابل قدرة تفجيرية مهولة لأنواع شتى من الصواريخ والأسلحة، المجرّبة أو التي تستخدم لأول مرة، والتي لا تبقي ولا تذر، إلا ما رحم ربي.

أما على صعيد الخسائر المادية، قدّر المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية في غزة حجم الخسائر بـ1.2 مليار دولار وهو ما يمثل ثلاثةأضعاف المبلغ الذي قدمته قطر في زيارة أميرها والتي وصفها كثيرون بزيارة كسر الحصار، وفي جانب العدو قدّر البعض خسائره بـ400 مليون دولار، وهذه الأرقام أيضا تعكس تفاوتا في حجم الخسائر، مع العلم أن أيضا قدرة التعويض أيضا متباينة تميل كفّتها لصالح العدو، وهذه الأرقام أيضا صورة للقدرة التدميرية لكل طرف، علما أن خسائر الفلسطينية تشمل بنى تحتية، في حين أن خسائر العدو تشمل خسائر تقديرية بسبب تعطّل الحركة الاقتصادية أثناء العدوان على غزة.


ورغم هذا الفارق في الخسائر البشرية والمادية إلا أن الآلة الاعلامية للعدو ووسائل الاعلام المتعاطفة معها قامت بتصوير هذه الخسائر البسيطة وهذه الصواريخ وانعكاساتها على الحالة النفسية والاقتصادية بطريقة درامية؛ تستجدي التعاطف والتأييد لنبذ هذا الاعتداء الارهابي على حد وصفهم، والذي يقض مضاجع أناس آمنين مسالمين في بيوتهم.

وحشدوا لهذه الغاية صحفهم واذاعاتهم وشاشاتهم ومواقعهم ولجانهم الاكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم أنفسهم بصورة الضحية التي تعاني الأسوأ بسب صواريخ الرعب التي يطلقها الفسطينيون، ورغم عامل المفاجأة الذي فجرته المقاومة بصورايخ يزيد مداها عن 75 كيلومترا، وتوسيع دائرة التهديد، إلا أنهم سرعان ما استفادوا من الأمر على شكل أفلام دعائية عن اتساع دائرة الخطر التي تقض مضجع الإسرائيليين، فأظهروا أنفسهم بمظهر المعتدى عليه وقد زادت قوة المعتدي، فاستخدموا ذلك في تبرير العدوان على أنه من أجل حماية الآمنين من هذه الصواريخ.

أما ساحتهم الداخلية فشهدت تكتما اعلاميا، يجعلك تشعر بالضيق، وكنت أحد الذين راقبوا مواقعهم الإخبارية، رغم جهلي باللغة العبرية، مستخدما المترجم الفوري لقراءة الأخبار العاجلة، وكانت المفاجأة عندما اكتشفت أن لا أخبار عاجلة على مواقعهم وأن العاجل منها قد نقلته المواقع العربية أو المغردون العرب قبل ساعات، لكن ما رشح من شاشاتهم وخصوصا في العروض المباشرة، وبعض مقاطع الفيديو والصور التي سجلها العرب الفلسطينيون في فلسطين المحتلة كانت كفيلة بنقل بعض مشاهد الخوف والهلع التي كانوا يشعرون بها حال اطلاق صفارات الإنذار.

ولاستكمال رسم صورتهم الملائكية والبريئة الحريصة على السلام، لم يتردد اعلامهم في استخدام التسجيلات العسكرية على غرار الطريقة الأمريكية في عرض القدرة الفائقة في اصابة الأهداف، والتكنولوجيا العالية في استثناء المدنيين في أي هجوم، وقد صدّق ذلك من أراد التصديق، إلا أن هذه المرة تحديدا، بعض وسائل الاعلام الغربية لم تستطع بلع هذه الوجبة من الكذب المعلن، ولم تتردد في عرض الأعداد الحقيقية من الضحايا في صفوف الأطفال والنساء والمدنيين عامة في اشارة واضحة لرفضها الرواية الإسرائيلية، ولا أخفي هنا دهشتي من رؤية عناوين على صحف بريطانية وفرنسية تشير بشكل واضح وصريح إلى همجية العدوان الإسرائيلي واستخدامه للعنف المفرط ضد المدنيين الفلسطينيين، وكان هذا إنجازا يحسب للفلسطينيين، وإن كان النجاح فيه ليس بالأمر السهل، والمطلوب هو توسيع دائرة العارفين بالحقيقة، وهي مهمة يتحمل فيها اعلامنا بكل وسائله وأشكاله وحتى الفردي منها مسؤولية نقلها وايصالها للعالم، وهذا ما سأتطرق إليه في الفقرات القادمة.

شهد هذا العدوان على غزة تغطية اعلامية مميزة، وفرتها وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، فتعددت وسائلها لتشمل كل المتاح، لدرجة أنك قد تكون أول من يعرف الخبر العاجل على مواقع التواصل والاجتماعي أو على الهاتف بمجرد وجود شخص متصل من عين المكان، وهذا ما مثل نقلة نوعية ذات عدة حدود:

- سرعة وصول الخبر وانتشاره من خلال عملية المشاركة على مواقع التوصل الاجتماعي بكبسة زر

- المتابعة الفورية لما يحدث على الأرض في مختلف مناطق غزة، ثم اتسعت الدائرة عندما دخلت الضفة إلى الحدث من خلال المواجهات التي قام بها الشبان الفلسطينيون مع جيش الاحتلال انتصارا لإخوتهم في غزة في مختلف المدن الفلسطينية في الضفة وشملت القدس أيضا.

- عدم الدقة في تقصي الخبر أو في عملية النقل كان يؤدي إلى نشر أخبار خاطئة، يتضح خطأها بعد دقائق، وبهذه الطريقة تحديدا كان من السهل نشر أي اشاعة.

- الوقوع في خطأ تحديد مكان اطلاق الصواريخ بشكل قد يستفيد منه العدو.

- الاسراع في نشر أسماء الشهداء والمصابين دون التحقق من صحة المعلومة، مما أدى إلى نشر أسماء خاطئة أو اعلان استشهاد أشخاص على قيد الحياة، وهو أمر مربك لكثير من الأطراف.

- اعتماد مواقع اخبارية على هؤلاء الأفراد غير الاعلاميين واعتماد أخبارهم واستباقها بجملة " عن شهود عيان"


وكانت صواريخ المقاومة التي وصلت تل أبيب من بداية العدوان عاملا مهما في رفع معنويات وهمم الاعلاميين الهواة وحتى المختصين، وتحوّل الأمر أحيانا إلى سباق لإيراد أخبار قصف الصواريخ للمستوطنات الإسرائيلية وإصابتها لأهدافها بشكل مبالغ فيه، جعل بعض المنتقدين لهذا الواقع من تشبيهه بما كان يذيعه أحمد سعيد في حرب 67.

وتعدى ذلك في بعض الأحيان إلى محاولة ايجاد الخبر الجميل بين السطور واستباق البيان الهام، بالقول والتوقع أنه بيان اعلان مفاجآت ومزيد من الإنجازات، التي لم تبخل المقاومة على شعبنا بها وكان حريا بنا عدم المبالغة في تحميلها ما لا تطيق.

وساهم وجود آلة التصوير في أغلب أجهزة الاتصال، وسيلة فائقة السرعة في نقل الصورة الثابتة والمتحركة، فكانت صور الدمار والأشلاء تنهمر كالمطر، وتنتشر بسرعة فائقة إلى كل أرجاء المعمورة، قد لا ألوم على الأفراد استخدام هذه الصور للتعبير عن ألمهم وسخطهم ومعاناتهم والرغبة في مشاركة العالم هذا الألم، لكن اللوم كل اللوم على المواقع الإخبارية والشاشات التي نقلت الصور، وغفلت حتى عن التنبيه من فظاعة الصور، فما كان اثبات وحشية العدوان بحاجة لكل هذه الصور الدامية، وكان حريا بوسائل الإعلام هذه تقصي الحرفية ونشر صور أكثر تأثيرا وانتصارا لحقوق المظلومين من تلك الصور الدامية التي تبعد وتنفر الآخر من متابعة الخبر. في حين أنه ثبت أن صورة الدمار، وحزن الأطفال أو بكاءهم أو حتى لعبهم وسط الدمار هي أكثر تأثيرا على القلوب وتقبلا من النفوس، ونزولا وترحيبا على صفحات المواقع الاخبارية الغربية وشاشاتها.


أما على مواقع التواصل الاجتماعي فقد أخذ الأمر طابعا آخر، والأمر هنا لا يخلو من إيجابية تحوّل البعض من لعب المزرعة السعيدة، إلى متفاعل ضد هذا العدوان، و لا يخلو أيضا من سلبية كونه ينشر صورا شديدة الفظاعة والدموية دون حتى التأكد من مصدرها ولا زمن حدوثها، فترى صورا سببها كوارث طبيعية أو حروب أهلية في مناطق شتى من العالم يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها من غزة (وكأن أرشيف القضية الفلسطينية بحاجة لاستعارة صور من أي كارثة في العالم) دون أي مجهود للتأكد من صحة الصورة، مع أن الأمر في منتهى السهولة، ويكفي استخدام محرك البحث جوجل للوصول لمصدر المعلومة في أقل من دقيقة.


وعند الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي، يجب الحديث هنا عن الجانب الأكثر اشراقا ونجاحا في حرب اعلامية حقيقية، شهدها موقع تويتر، وأنا من الشاهدين على ذلك ولست وحدي، وكنت أتمنى لو أن تغريدات مغردي غزة تمت أرشفتها كلها لتبيان هذا الوجه المشرق الذي قدمه مغردو غزة، بشهادة وسائل اعلام عالمية، فقد عمل مغردو غزة كمراسلين لحظيين من أرض المعركة، فكانوا السباقين في تقديم المعلومة، فتأتي تغريداتهم في وقت واحد لتحدد نوع الطائرة التي تحلّق أو لتنكبّ على الخط الزمني بـ: "قصف الآن"، "قصصصصصصصصصصف" "بووووم"، "انفجار"، لا يكَلّون في نقل ذلك، فقط يطلبون السلامة من الله، والدعاء من الأصدقاء.


واستمروا في نقل الأخبار لنا منذ البداية وكانوا هم أيضا السباقين في نقد أنفسهم وتصحيح أساليب التغريد ونقل الخبر فكانوا كالجبهة الواحدة يعملون بلا كلل مطوّرين لجودة تغريدهم وتحسين أدائهم على مدى أيام العدوان الثمانية، وأكثر جانب برأيي نجح فيه هؤلا المغردون هو نقل الحالة النفسية الطبيعية لأنفسهم ولأهلهم، فعبروا عن حالة الخوف الإنسانية التي انتابتهم وانتابت الصغير والكبير من حولهم، عبروا عن تعبهم، عن شوقهم للهدوء، للنوم، للراحة، عبروا عن انزعاجهم من صوت الطائرة التي باتوا خبراء في أنواعها وفي أصواتها، وكان أشهرها "الزنانة"، ولم يخلُ هذا النقل المباشر لأحاسيسهم ومشاعرهم وظروفهم تحت العدوان من تغريدات ساخرة مليئة بشر البلية المضحك. فكان هذا أجمل ما قدموه لعكس حقيقة يتجهالها الكثير، أن هؤلاء الفلسطينيين يحملون كل ما في الإنسانية من معنى.


طبعا كان سيكون لما فعلوه قيمة أكبر لو كثفوا من استخدام قدراتهم اللغوية والتركيز على اللغات الأجنبية أكثر من العربية لتوسيع دائرة الانتشار ونقل واقعهم لأكبر عدد في هذا العالم. وهذا دور كان على كل المغردين الفلسطينيين والعرب المساهمة فيه، ولم يبخل الكثير منهم في أدائه.
سأعود لما ابتدأت به من حديث عن الهزيمة والانتصار، قدّم الشعب الفلسطيني الكثير الكثير في هذا العدوان، لكنه أقل مما قدمه في العدوان الذي سبقه، ويجب أن نكون صريحين في القول أن صواريخ المقاومة المحلية الصنع، أو ايرانية الصنع أو التكنولوجيا، كانت هي العامل الأساس في ايقاف العداون، بعد ادخال تل أبيب (تل الربيع)والقدس إلى دائرة الأهداف، وبعد إسقاط طائرات حربية، دفعت العدو إلى التفكير جديا في ايقاف العدوان وطلب التدخل من أجل ذلك، فكانت الوساطة المصرية التي أسهمت في النجاح للوصول لإيقاف اطلاق النار، في موقف ما كان ليحدث في عهد النظام السابق، ولكنه أيضا أقل مما كان يتوقعه الفلسطينيون، الذين كانوا يتوقعون أكثر بكثير من زيارات رسمية إنسانية، لكن لعلّ القادم أحسن (كما قال لي بعض الأصدقاء من غزة).


وفي ظل ما سلف، بالرغم من كل الخسائر، سأقول أن المقاومة نجحت في رد العدوان عن غزة، وأن أهل الضفة أثبتوا أنهم لم يتحولوا لشعب أوسلو، وأن الشعب الفلسطيني يشق بصموده طريق التحرير نحو الانتصار واستعادة حقّه كاملا.


واسمحوا لي أن أرى شعبي منتصرا، وما النصر عنا ببعيد إن شاء الله

الاثنين، 3 سبتمبر 2012

المسجد الإبراهيمي مشهد احتلال ورمز صمود: جولة مصورة في المسجد الإبراهيمي في الخليل

المسجد الإبراهيمي مشهد احتلال ورمز صمود


المسجد الإبراهيمي


سأعرض في هذه  المشاركة عرضا مصوّرا لزيارتي للمسجد الإبراهيمي أو ما يعرف بـ: "الحرم الإبراهيمي" في الخليل، لكن قبل البدء سأعرف بالمكان وسرّ قدسيته عند  أهل الديانات السماوية:


المسجد الإبراهيمي مقام على  ما يعتقد أنه " الغار الشريف أو المكفيلة"، ويعتقد أن هذا هو الغار المذكور في التوراة واشتراه سيدنا ابراهيم عليه السلام ليتخذه مدفنا، فدفن فيه زوجته سارة،  وبعد وفاته دُفن إلى جانب زوجته، ويزعم البعض أن في أسفل الغار توجد أيضا قبور  كل من سيدنا اسحق عليه السلام وزوجته  رفقة وسيدنا يعقوب عليه السلام وزوجته لائقة وهناك زعم بوجود قبر سيدنا يوسف عليه السلام أيضا. والأضرحة الموجودة داخل المسجد في الأعلى ليست  قبورا وانما أضرحة مقامة فوق الغار، ورغم عدم وجود أي دليل على وجود قبور تحت الأضرحة‘ إلا أن هذا هو الاعتقاد السائد والذي يتسبب إلى يومنا في احتلال جزأ من البلدة واستيطان بيوتها وتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا.

البناء القائم حاليا هو نتاج عدة أعمال بناء  واعمار في عصور مختلفة، فابتدأ بسور روماني مكوّن من حجارة ضخمة تم سقفه في وقت لاحق ثم انتهى إلى ما هو عليه الآن مسجدا ، ولمن أراد الخوض أكثر في تاريخ المكان وعمارته   فعليه بالبحث في الشبكة العنكبوتية، فالمعلومات المتاحة فيها غزيرة ومفيدة.


وسأبدأ  بالحديث عن الزيارة: أنزلنا سائق سيارة الأجرة عند هذا الباب ذي اﻻتجاه الواحد والذي يمر منه المغادرون للمسجد فقط،  وقد لفت انتباهي  وجود التكية الإبراهيمية عنده:

باب مجهز بآلة حديدية لا تسمح الا بخروج شخص واحد ولا تسمح بالدخول إلى المسجد الإبراهيمي بجانب التكية الإبراهيمية

والتكية الإبراهيمية جمعية خيرية تعمل على  تقديم الطعام للفقراء مجانا، يعود عمرها لزمن صلاح الدين الأيوبي، والطعام المقدم في العادة  هو "شوربة ابراهيم" المعدّة من  القمح المسلوق، وتقدم اللحم مرتين في الأسبوع ووجبات خاصة في رمضان.
  وقفنا عند الباب  نتأمل كيف سندخل من باب ذي اتجاه واحد، وما هي  الا لحظات حتى   اقترب منا فتيان يسألان: تقصدان المسجد الإبراهيمي؟ فأجبنا أنه غايتنا، فقالا إذن  اتبعانا.
في أزقة البلدة القديمة في الخليل في طريقنا إلى المسجد الإبراهيمي




سوق خزق الفار أحد معالم البلدة القديمة في الخليل وأحد معالم تحدي أهل الخليل للمستوطنين وأطماعهم 


اصطحبنا الفَتيان  من خلال أزقة سوق اسمه "خزق الفار"، وهما يسيران ويحدثان عن المكان وعن أهله وعن  العدو الذي لن يستطيع اخراجهم منه مهما فعل، ومن الأشياء اللافتة للانتباه  في هذا المكان شِباك معدنية تغطي بعض الأزقة وضعها أهل المنطقة لتحميهم من القاذورات والقمامة التي يلقيها عليهم المستوطنون الذين احتلوا المكان.

بعد  دقائق وصلنا إلى ممر حديدي به أبواب تدور باتجاه واحد ولا يستطيع المرور منها إلا شخص واحد وبعدها بوابة الكترونية:
ممر حديدي ببوابات باتجاه واحد


 وبعده بأمتار توجد نقطة تفتيش  أخرى عليها جنود يفتشون الزائر بعد أن يمر على بوابة الكترونية  دون أن تصدر أي صوت والا فعليه أن يتفقد ما معه من مواد معدنية ويعيد الكرة، تماما كما يحدث في المطارات.


نقطة تفتيش الكترونية قبل الدخول إلى المسجد الإبراهيمي


ثم اتجهنا  نحو المسجد فكانت هذه الأدراج التي تؤدي إلى نقطة تفتيش الكترونية أخرى ومن ثم تصل  إلى باب المسجد:


السلالم المؤدية إلى مدخل المسجد الإبراهيمي



وكان أول ما سألت عنه في هذا المكان حجارة السور العملاقة التي طالما سمعت عنها، ولم أكن ببعيد، فقد أشار  أحد الأشخاص الموجودين  أن انظر إلى يمينك ترى ما تريد، فوجدت هذه الحجارة العملاقة التي يجاوز طولها السبعة أمتار، والتي ستبقى حقيقة حملها واستخدامها في البناء سرا، فالبعض يعتقد أنها بنيت في زمن سيدنا سليمان والبعض الآخر يعتقد أنها بنيت في زمن هيرودوس، وفي كلتا الحالتين وجودها دلالة على قدرة غير عادية في الهندسة والبناء.


حجارة ضخمة طولها حوالي سبعة أمتار في سور المسجد الإبراهيمي في الخليل

حجارة ضخمة يبلغ طوالها حوالي سبعة أمتار في سور المسجد الإبراهيمي في الخليل 
ثم اتجهت إلى أعلى حيث وجدنا نقطة التفتيش الاكترونية التي ذكرتها سابقا وعليها جنديان  كما في الصورة ومن ثم تصبح داخل المسجد:


نقطة تفتيش عند باب المسجد


بعد نقطة التفتيش هذه دخلنا إلى المسجد، وكان أول شيء أمامنا على اليمين هذه النافذة التي تطل على ضريح:


ضريح سيدتنا سارة  زوج سيدنا ابراهيم عليه السلام  وكاميرا المراقبة واضحة فوق المكان


انه ضريح  سيدتنا سارة زوج ابراهيم عليه السلام:


ضريح سارة زوج ابراهيم عليه السلام


وهكذا يبدو من الداخل:



ضريح سارة زوج ابراهيم عليه السلام

ثم تكمل طريقك باتجاه اليسار فيُقابلك مُصلّى الجاولي أو الجوالية وعلى اليمين باب يؤدي إلى ما يسمى بالاسحاقية، وهناك رحّب بنا الشيخ محمد الرفاعي (تمّ تقديمه على أنه أحد مشايخ الطريقة الرفاعية) وبدأ يقدّم لنا شرحا عن المكان، وقد قمت بتسجيل شرحه كاملا، وكان أول ما تحدث عنه هو:

جريمة المستوطن باروخ غولدشتاين الذي تسلل فجر 27 رمضان الموافق لـ 25 فبراير من سنة 1994 إلى المسجد وأطلق النار والقنابل على المصلين فقتل 29 وجرح 185 منهم، وأغلق بعدها المسجد شهورا عديدة، ومن بعدها احتل الصهاينة أجزاء كبيرة منه، فاحتلوا اليعقوبية (التي بها ضريح سيدنا يعقوب عليه السلام وزوجته لائقة رضي الله عنها) والحضرة الإبراهيمية (التي بها ضريح سيدنا ابراهيم عليه السلام وزوجته سارة رضي الله عنها) واليوسفية وساحات الحرم وهي تعادل 65% من مساحة المسجد ولم يبق في حوزة المسلمين إلا الاسحاقية (التي بها ضريح سيدنا اسحق عليه السلام وزوجته رفقة رضي الله عنها) والجوالية.


الاسحاقية بها العديد من المعالم، فتجد فيها أولا ضريح سيدتنا رفقة وبمحاذاته ضريح سيدنا اسحق وبين الضريحين يوجد المحراب ومنبر صلاح الدين كما هو ظاهر في الصور أدناه:

ضريح رفقة رضي الله عنها زوج سيدنا اسحق عليه السلام وعلى يمين الضريح المحراب والمنبر وضريح سيدنا اسحق عليه السلام

ضريح سيدنا اسحق عليه السلام وعلى اليسار ضريح زوجته رفقة وبينهما المنبر والمحراب، وأمامه فتحة الغار الشريف وخلفه السلالم المغلقة المؤدية إلى الغار

منبر صلاح الدين ومحراب المسجد الإبراهيمي

ومقابل ضريح اسحق عليه السلام، فتحة على الأرض وقد أقفلت بقفل وقد كتب عليها الغار الشريف، وهي نافذة مغلقة تطل على الغار الذي به القبور، وفي الجهة المقابلة (خلف ضريح اسحق عليه السلام وإلى الجانب الأيمن من منبر صلاح الدين) توجد مكتبة صغيرة بها بعض الكتب، توجه إليها دليلنا الشيخ الرفاعي، ثم انحنى ورفع بيده السجادة، وأشار إلى الأرض وقال هذا مدخل الغار الشريف وهنا مكان السلالم التي تنزل إليه، لكن الملك حسين رحمه الله أمر بإغلاقه فوضع الاسمنت على الفتحة وهي مغلقة من يومها ولا يمكن لأحد الدخول إليها.


فنحة الغار الشريف وهي مغلقة وعلى اليسار باب يؤدي إلى الإبراهيمية

مكتبة صغيرة على يمين منبر صلاح الدين أسفلها فتحة مغلقة بها سلالم تؤدي إلى الغار الشريف

فتحة الغار الشريف المغلقة



ثم عدنا إلى جانب فتحة الغار الشريف حيث بوجد في الجانب الأيسر منه باب باب يؤدي إلى مصلى آخر وعنده ستجد نفسك أمام نافذة عليها قضبان حديدية تطل على ضريح ابراهيم عليه والسلام، وإلى جانب النافذة مكان به أثر قدم، يُعتقد  أنها تعود لسيدنا آدم، لكن الكثيرين يشككون في صحة هذا الاعتقاد. أمام النافذة المطلة على ضريح سيدنا ابراهيم ستلاحظ وجود نافذة في الجهة المقابلة يطلّ منها الزوار اليهود وستسمع أصواتهم المرتفعة وهم يؤدون طقوسهم.


نافذة ضريح ابراهيم عليه السلام


ضريح ابراهيم عليه السلام وعلى اليسار في الجهة المقابلة نافذة كان يطل منها يهود على الضريح


سقف ضريح ابراهيم عليه السلام


أثر قدم على الجانب الأيمن من ضريح ابراهيم عليه السلام


كان ضريح ابراهيم هو آخر شيء ممكن رؤيته من المسجد الإبراهيمي، والباقي لا يسمح للمسلمين بدخوله الا في أيام محددة من السنة، فعدنا أدراجنا وتوجهت إلى التحفة الفنية الموجودة داخل هذا المسجد والتي تسمى بمنبر صلاح الدين والتقطت مجموعة من الصور للمنبر وللمكان بشكل عام:


منبر صلاح الدين الذي صُنِع قبل أكثر من 900 سنة

منبر صلاح الدين مكوّن من أكثر من 3000 قطعة خشبية

منبر صلاح الدين يعتقد أنه صنع في مصر

صنعه الفاطميون ونقل في عهد صلاح الدين الأيوبي إلى الخليل

من أجمل ما في منبر صلاح الدين أنه لم يدق فيه مسمار واحد

زخارف منبر صلاح الدين

منبر صلاح الدين: تحفة فنيّة

سقف المسجد الإبراهيمي

احدى النوافذ العلوية في المسجد الإبراهيمي

صورة مقرّبة من محراب المسجد الإبراهيمي

محراب المسجد الإبراهيمي


ثم اتجهنا خارج المسجد، وأخذت مجموعة من الصور الخارجية للمسجد بأكمله:

مئذنة المسجد الإبراهيمي

صورة للمسجد الإبراهيمي

الزوار الداخلون إلى الجانب المحتل من المسجد الإبراهيمي

وتظهر هنا المنطقة التي يدخل منها الزوار اليهود بدون أي تفتيش:


على يسار الصورة المكان الذي يدخل منه اليهود إلى المسجد الإبراهيمي


ولم تخلو الزيارة من "رزالة" المحتل، فاستوقفنا جندي من جنود الاحتلال وكانت وللأسف لهجته عربية، فطلب أوراقنا الثبوتية، ثم اتصل وطلب التأكد من معلومات وثيقة رفيقي، وقال بامكانك الذهاب أما رفيقك فعليه الوقوف هناك عند الجدار والانتظار حتى نتأكد من معلومات وثيقته، وكانت النتيجة الانتظار حوالي نصف ساعة حتى أشبع رغبته في رؤيتنا واقفين ننتظر أن يفرج عن الوثيقة، وطول ذلك الوقت كان معنا هذا الرفيق خفيف الظل من أهل الخليل:


صديقنا من البلدة القديمة خفيف الظل الذي رافقنا في آخر جولتنا في المسجد الإبراهيمي

وفي الجهة المقابلة تجلى أحد أبهى المناظر، رغم أنف جيش الاحتلال ورغم المستوطنين يرفرف هذا العلم عاليا:

في وسط الصورة يظهر العلم الفلسطني مرفرفا رغم أنف المحتل


وستبقى يا علم عاليا وسترفرف قريبا على كل فلسطين ان شاء الله...




الأربعاء، 20 يونيو 2012

الثورة وحاميها

كان الجميع يشيد بدورهم، بحمايتهم للثورة، بوقوفهم مع شعبهم، ولم أكن قادرا على تصديق ذلك، كنت مع الذين رأوا أن في ذلك التفافا على الثورة، كان صعبا عليّ أن أصدق أن جيشا يقف على الحياد بين شعب وطاغيته، بين شعب وعصابات تابعة لوزارة داخلية الطاغية تطلق النار على الشعب الأعزل وهو يقف على الحياد. كنا نسمع خبرا من هنا ومن هناك عن مكالمات هاتفية مطوّلة بين وزير الدفاع الاسرائيلي ووزير الدفاع الأمريكي ووزير الدفاع المصري حينها، وما كنا نعرف نصدق أم نكذب، إلى أن حانت اللحظة الحاسمة، المخلوع يتنحى والبيان يقرأه نائبه واللواء يضرب التحية للشعب... نقطة سنعود للسطر

هم حماة الثورة، هم الخط الأحمر، لا تتطاولوا عليهم، هكذا قال الكثيرون ممن طالت لحاهم أو من اتسعت ذمتهم، اسكتوا فهناك اعلان دستوري لأجلكم، ستستفتون عليه فوافقوا، وفعلا تمت الموافقة عليه بنسبة كبيرة ، ورغم أن المجلس العسكري اعتبر هذا الاستفتاء عليه  هو لا على الاعلان الدستوري  لكن لأول مرة يفرح المصري للون الحبر على أصابعه، فقد كانت به رائحة ديموقراطية

  أجمل ما في حماية الثورة أنه كان حماية أيضا لأعوان النظام السابق: واتجهت الحماية في اتجاه آخر، طائرة تقتاد المخلوع إلى شرم الشيخ ثم إلى مستشفاها العالمي، وتدارت  شخصيات النظام عن الأنظار وأُسدل الستار عنهم ولم توجه لهم أية تهم، وكأنهم قد غادروا المسرح ليعودوا إليه  في فصول أخرى قادمة

وطبعا الكل يذكر كم حاول جلادو النظام السابق التملص من جرائمهم، فهنا أقسام تحرق وهناك أوراق تتلف وفي هذا البيت أوذاك  من بيوت أهل الشهداء ملتح يقدم الدية باسم الدين في مشهد أقل ما يقال عنه: حق يبرؤ به مجرم، وما من جهة توقف هذا الهزل وترفع شعار سيف القسط فوق الجميع

ولا أحد ينسى الفتن الطائفية التي كانت توقد،  من بناء كنيسة إلى اسلام  أمرأة مسيحية ثم تختفي، تقوم الدنيا ولا تقعد ويخرج الناس مطالبين بأختهم، وتصبح هذه المواضيع الشغل الشاغل للشاشات والصحف والناس وسرعان ما تتلاشى هذه القصص، لكن للأسف بعد أن تأخذ معها الكثير من الدماء والوقت، دون أن يُعرف من أوقدها أو لما لم تتخذ اجرارءات حقيقية صارمة لايقافها من بدايتها

طبعا من حماية الثورة أن يصبح للشعب مجلسان واحد للشعب وآخر للشورى، وعلى الجميع المشاركة، ستعد العدة لانجاح هذه الانتخابات، السباق حماسي  ومثير، ودور العبادة  صارت مراكز للدعاية الانتخابية وتمت الانتخابات وقبل الجميع بنتيجتها، لأنها تعكس ارادة شعبية، ولم يكن أحد يعلم أن اول مجلس للشعب والنابع من انتخابات شهد الجميع بنزاهتها سيلغى  ويعود التشريع بعدها للمجلس العسكري، في مشهد متواصل لحماية المجلس عفوا لحماية الثورة

ولا أحد يستطيع أن ينسى حماية المجلس للدولة من العديد من الجواسيس الذين كانوا يجوبون الشوارع يلتقطون الصور ويحصلون على أسرار الدولة من أفواه العامة على المقاهي، وان لم تصدقوا فاسألوا الخبراء الاستراتيجيين  كيف يحمي المجلس الثورة من الجواسيس، وأيضا كيف يحميها من المنظمات التي تعمل بتمويل أجنبي مشكوك في أمره وخصوصا أنه آت من العدوة أمريكا التي لا تعطي أموالا لأحد بحسن نية وبالتالي كان يجب اغلاق مكاتب هذه المنظامت وتحويلها للقضاء الذي كانت أبوابه الخلفية متصلة بخرطوم يصل إلى باب طائرة، مشهد عجز الخبراء الاستراتيحيون على شرحه، لكن المهم أن الحماية مستمرة

واستوجبت الحماية أيضا أن يبدأ  سباق الرئاسة حتى تسلّم الرئاسة لرئيس منتخب، وحتى يكون المشهد أكثر اثارة وجب ادخال الشخصيات التي توارت عن الأنظار إلى المسرح ثانية، نائب الرئيس السابق، ورئيس الحكومة السابق، وكله طبعا في سياق حماية الثورة، البعض يصيحون هؤلاء فلول يجب أن يعزلوا، والبعض الآخر لم يبال في مشهد لا يمكن وصفه الا بالصفقة، وفعلا حدث ما لم يكن في حسبان أحد، نتيجة لم يتوقعها أعتى المحللين والمتابعين: رئيس الحكومة السابق في الاعادة، لكن لا تخشوا فقد أكد المجلس على حمايته للثورة، وسيتضح ذلك بعد أيام في محاكمة القرن

يوم احتبست فيه الأنفاس، انتظرته أمهات الشهداء، يوم العدالة المنشودة، بدأت جلسة النطق بالحكم، وربما لأول مرت تضمن الحكم المكتوب بخط اليد كما قال القاضي  مقدمة أطول من الحكم نفسه، المخلوع ووزير داخليته يحصلان على المؤبد ويحصل مساعدو الوزير وأبناء  المخلوع على البراءة، حكم وصفه الجميع أنه سياسي لا يمت للقانون بصلة. تعالت الأصوات في المحكمة وخارجها: الشعب يريد تطهير القضاء، لكن جولة الاعادة على الأبواب، والرئاسة أهم من العدالة عند البعض، لكن للأمانة أحد المرشحين وعد بتشكيل لجنة تحقيق لاعادة محاسبة كل من أجرم

وقبيل الانتخابات ، وفي توقيت حساس وخطير، تحتبس الأنفاس مجدد لسماع الحكم في قضيتين مختلفتين، الأولى لتطبيق العزل على المرشح الرئاسي القادم من كنف النظام السابق، وآخر للبت في دستورية ثلث مجلس الشعب المنتخب من الشعب، وجاء الحكم صادما للدنيا كلها: مجلس الشعب باطل كله باطل ليس الثلث فقط، وعزل مرشح النظام السابق أيضا باطل، وهنا مهمة حماية الثورة استوجبت ، أن يتحول التشريع إلى المجلس العسكري وأن يعيّن لجنة في ديوان الرئاسة وأن يصدر اعلانا دستوريا مكمّلا يتماشى مع الظروف التي فرضها القانون، فالرئيس القادم لا سلطة له على الجيش، ولا يملك قرار الحرب، والدستور القادم ولجنته التأسيسة تخضعان لمعادلة متعددة الأطراف يصعب السيطرة عليها

وجاء هذا الاعلان الدستوري قبيل اعلان النتائج لتفسد فرحة كل من رغبوا في اسقاط مرشح النظام السابق، لكن للأمانة فقد أعلن المجلس العسكري أنه سيسلّم السلطة في آخر الشهر للرئيس المنتخب  الكاملة صلاحياته الا مما انتقص منها في الاعلان الدستوري المكمّل في حفل سيقام بهذه المناسبة . وحينها سيزاح حمل حماية الثورة عن كاهل المجلس، الا اذا استدعت الظروف استمرار الحماية مدة أطول، حينها سيكون المجلس مضطرا للحماية مدة أطول الله أعلم كم ستمتد

ثورة 25 يناير شهد لها العالم كله أنها  كانت أجمل وأرقى الثورات في التاريخ،  فهذ الثورة السلمية  قامت ضد عشرات السنين من الظلم وأحكام الطوارئ وسلطة جلادي النظام، وسرقة أموال  الشعب وامتهان كرامته، هذه الثورة أيها المجلس لم تقم على شخص مبارك، بل على نظام عاث في مصر فسادا عشرات السنين، فلا تحموا الثورة من مبارك بل احموها من نظامه الذي أنتم أنفسكم أحد أركانه، فهل تستطيعون حماية الثورة منكم؟

اتركوا الثورة تحقق أهدافها ولا تقفوا عائقا في طريقها، فإن كنتم لا تستطيعون فخلوا عنكم واجب الحماية، لهذه الثورة شعب وللشعب رب يحميه

الاثنين، 18 يونيو 2012

افرحوا لقد خسر شفيق وقد كان قاب قوسين أو أدنى

لا أخفي اندهاشي من هذا التقارب الشديد في نسبتي التصويت بين مرسي وشفيق، والذي يعني أن شفيق كان قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة، بالرغم من أن مرسي  قد حصد أصوات مؤيديه من الاخوان وحلفائهم الاسلاميين وشباب الثورة الذين آثروا عدم المقاطعة أو الابطال لصالح اسقاط شفيق، وعامة الناس الذين رأووا في شفيق خطرا وامتدادا لنظام مبارك، وبالرغم من كل هؤلاء كانت نسبتا التصويت متقاربتين جدا، شخصيا لا أملك تفسيرا فهل تملكون؟


فاز مرسي، وفرح من فرح في مصر وخارجها، لكن عقولا كثيرة انتقص من فرحتها اعلان دستوري مكمّل أصفه بالاستدراكي قبيل اكتمال فرز الأصوات، يحدّ من صلاحيات الرئيس القادم ويلفّ الجيش بخطوط حمراء، يُمنع الاقتراب منها، ويعطي الجيش حق التشريع ويضع الباب مفتوحا لكل التكهنات فيما يخص اللجنة التأسيسية والدستور، خطوة اعتبرها البعض انقلابا وشكل من أشكال عدم تسليم السلطة، واعتبرها البعض في سياق خطة مدبّرة وضعها دهاة وخاصة بعد الغاء البرلمان كسلطة تشريعية في البلاد حتى لا تكتمل مفاتيح السلطة مع طرف واحد، ليس خوفا على مصر ولكن خشية على وضع الجيش نفسه كما ورد في أول مادة معدلة في الاعلان الدستوري.


الآن وقد صار مرسي رئيسا، فهنيئا له ولكل من أيّدوه حبا فيه أو نكاية في شفيق، لكن عليه أن يدرك أنه مدين لمصر والعالم العربي والاسلامي بوعود قطعها على نفسه، أولها تحقيق العدالة في مصر، وتشكيل لجان تحقيق لمحاكمة قتلة شهداء الثورة، وثانيها تحقيق أهداف الثورة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، ولينظر بكلتا عينيه إلى غزة، فقد طال حصارها، أعلم أن ذلك صعب لكنك مطالب يا أخ مرسي به.
على مرسي والاخوان أن يدركوا أنهم ما كانوا ليصلوا إلى كرسي الرئاسة لولا مشيئة الله ودعم أطياف الثورة لهم، فلا يغتروا بأنفسهم وليمدّوا أيديهم لمن دافع عنهم، لمن لم يطعنهم لا من قُبُل ولا من دُبر، لشركائهم في الثورة وابنوا جميعا مصر الكبيرة التي تتسع للجميع.


لا شك أن الفرح بخسارة شفيق وفلول النظام السابق شعور جميل ويحتمل بعض الشماتة أيضا، لأنني أعلم وتعلمون أنهم لو فازوا بها لأشبعوا الدنيا شماتة وشتما لشهور عديدة، فبالأمس فقط كان أحدهم على الشاشة يشتم ويسب شباب الثورة بأقذر الكلمات، التي يستقيها من زريبة حيوانات، فما بالكم لو فاز. لكن بعد الفرحة يجب أن يتذكر الجميع أن من صوتوا لشفيق عددهم ليس بالبسيط وهم جزء من هذا البلد على اختلاف مرجعياتهم السياسية والدينية، ويجب أن يشعروا بالاطمئنان والأمان في هذا البلد، فهم اخوة لا أعداء، فان كانت مخاوفهم مبنية على أساس ديني فيجب أن يشعروا بالأمان على دينهم وبأخوة ومحبة الآخرين لهم، وان كانت مخاوفهم اقتصادية فيجب العمل على تأمينها وتوفير الأمن والمساعدة لهم، حينها سيتحولون تدريجيا من فلول وأتباع نظام سابق إلى مواطنين فاعلين يعشقون عيشة الحرية.


أعلن منذ قليل فاروق سلطان فوز مرسي وسقوط شفيق، الحمد لله، افرحوا يا أهل مصر، احمدوا الله، اذكروا الشهداء، عيشوا نصر ثورتكم، أسسوا لمستقبل أولادكم


لكن إلى حين أن تكتمل الفرحة، إلى حين أن يسلّم العسكر السلطة، إلى حين أن تتحقق العدالة على أرض مصر، إلى حين تقوم مصر وتشدّ من حيلها، افرحوا يا أهل مصر فقط سقط شفيق وقد كان قاب قوسين أو أدنى...

الجمعة، 15 يونيو 2012

14 يونيو يوم للذكرى وللنسيان

كان يوما طويلا، بأحداثه، بأنفاس احتبست، بعيون تطلعت في اتجاه واحد: محكمة دستورية عليا، أمامها قضيتان للبت. وجاءت ساعة النطق بالحكم، خلاصة القول، مجلس الشعب باطل وعزل شفيق باطل.


تسارع البعض لقبول الحكم بروح رياضية ذات طابع سياسي، والسياسة هنا خلاف الرياضة فالأولى فيها كثير من الرياء والثانية مواجهة.


ثم جاء مؤتمر اعلان النصر منطلقا على أنغام نشيد بلادي بلادي : وأعلن شفيق في خطاب بدا للجميع معدا سلفا أن الحكم ينهي زمن تصفية الحسابات، وقدّم سيلا من التعهدات، ثم أنهى منشدا بلادي بلادي... في مشهد من التكلّف الوطني الذي يصعب تصديقه.


ثم جاء مرشح الاخوان واعتلى  منصة  مايكروفونات وصاح غاضبا: القرار ظالم وسنرضى به وطريقنا في ضي الصناديق والشارع الطويل فكرني يا حبيبي بالموعد الجميل يوم السبت والأحد. انزلوا إلى الصناديق وسنموت دونها.


كان يوما للنسيان، حتى لا نذكر ظلم المحاكم، حتى لا نذكر مقولة اكتشف زيغها الجميع بأن المجلس العسكري حمى الثورة، حتى لا نذكر صلف شفيق، حتى لا نذكر تهافت بعض النخبة على قبول ما لا يقبل، حتى لا نذكر موقف الاخوان يديرون الخد تلو الخد ويلدغون من الجحر تلو الجحر، حتى لا نذكر حزن كل الشرفاء، وحنى لا نذكر حسرة أهالي الشهداء.


هذا كان يوم للذكرى: حتى لا ننسى أن أنصاف الحلول لن ترقى أبدا لتكون حلولا إلا عند أنصاف ثوار يرضون بأرباع الحلول ولا يحصلون على شيء في نهاية المطاف، يوم للذكرى حتى لا ننسى أن القرار الثوري لا يحتمل رعونة السياسة، يوم للذكرى حتى لا ننسى أن من يفرط في العدل ولو لحين سيشرب من كأس الظلم لوقت طويل، يوم للذكرى حتى لا ننسى أن على ثرى مصر سالت دماء في كل ميدان وشارع، سالت من أجل شعار واحد: عيش حرية كرامة اجتماعية فلا تنسوا.