الخميس، 31 ديسمبر 2015

بين يوسف زيدان وعدنان إبراهيم وقصة آركولوف جدل تحضر فيه الحكايا ويغيب عنه الوجه الحقيقي للاحتلال

أثار ما أعلنه الدكتور يوسف زيدان عن حق اليهود في القدس وعن عدم قدسيتها عند المسلمين الكثير من ردود الفعل، وأسال الكثير من الحبر، وكانت أغلبها غاضبة انصبّ همّ أصحابها على إثبات أن القدس حق للمسلمين وليس لليهود، وكان رد الدكتور عدنان إبراهيم من على منبر مسجد في فيينا ثريًا بالمرويات والأدلة على ورود مصطلح "المسجد الأقصى" بمعانٍ مختلفة في المراجع قبل 250 للهجرة في ردٍ على تحدٍ رفعه يوسف زيدان في لقاء متلفز.

وبسبب اطلاعه الواسع،  وُفِق عدنان إبراهيم لاستحضار عدد من الأمثلة عن ورود مصطلحات: بيت المقدس والمسجد الأقصى في مراجع قديمة، وأغلبها معلوم لدى الباحثين والمهتمين بتاريخ فلسطين والقدس. لكن أكثر ما استوقفني ما ذكره عن شهادة رحالة من بلاد الغال إسمه آركولوف وردت في كتيب صغير يعود تاريخه لسنة 670 ميلادية، وينقسم لثلاثة أجزاء تتحدث عن رحلته إلى الأراضي المقدسة سنة  50 للهجرة، وأنه يشير  في الجزأ الأول من الكتيب إلى وجود مسجد للمسلمين مربع الشكل مصنوع من الأخشاب ويتسع لـ3000 رجل، على اعتبار أن هذا المسجد هو الذي أمر عمر بن الخطاب بإقامته بناء على ما أشار به عليه كعب الأحبار بإقامة المسجد مقابل الصخرة لكن عمر جعله بعد الصخرة في اتجاه مكة جنوبا

بحثت عن الكتاب وعن معلومات عن آركولوف، ولحسن الحظ أن مواقع كثيرة على الشبكة العنكبوتية تتحدث في الموضوع بلغات عدة منها الفرنسية والإنجليزية، قرأت بعض الصفحات باللغتين وعثرت على روابط لنسخ مترجمة من الكتاب، تصفحت الكتاب وتفاجأت من المعلومات التي وردت به،  وللتأكد من دقة النسخ المترجمة بحثت عن نسخة باللغة الأصلية التي كتب بها الكتاب وهي اللاتينية، واستعملت القواميس الفورية المتاحة على الشبكة لترجمة مقاطع من النسخة اللاتينية للتأكد من ورود مصطلحات بعينها في النسخة الأصلية وأن ورودها في النسخ المترجمة  لم يكن بسبب ترجمة في زمن لاحق. (ملاحظة: روابط الصفحات والكتاب والترجمات في آخر هذه التدوينة).

ملخص ما قرأته في هذا البحث السريع، هو أن آركولوف (Arculuf) هذا أسقف من بلاد الغال ذهب في رحلة للأراضي المقدسة، زار فيها القدس وبيت لحم أريحا والناصرة والقدس ودمشق والإسكندرية وغيرها ثم قفل عائدا، وأثناء رحلة العودة تعرضت السفينة لعاصفة هوجاء وضاعت وعبرت مضيق جبل طارق ورست بعد عناء على الشاطئ  الغربي لاسكتلندا حيث التقى بأب إيرلندي إسمه أدومنن (Adomnan)، حيث قص عليه آركولوف حكاية رحلته إلى الأراضي المقدسة، ودونها في كتاب لاحقًأ.


قطعة نقد أموية من عهد عبد الملك بن مروان كُتب عليها: فلسطين - ايليا



الكتاب لا يتحدث عن رحلة الذهاب، ويبدأ في بابه الأول بالوضع في جيروسالم وليس إيليا كما كان يطلق عليها في تلك الفترة وكما هو مثبت في القطع النقدية الأموية التي وصلتنا عن تلك الفترة (De situ Hierusalem , The situation in Jerusalem)، يصف أبواب المدينة ومواقعها بالنسبة لجبل صهيون (Montis Sion, Mount Sion)، ثم يتحدث أدومنن على لسان آركولوف عن سوق سنوي يقام في الخامس عشر من شهر سبتمبر (التقويم الميلادي) حيث يفِد حشد من الناس من أجل التجارة.

بيت الصلاة الخشبي عند الهيكل - من كتاب رحلة آركولوف


بعد ذلك وفي وصف لمكان الهيكل القديم (Templum , Temple) يصوّر بيتا للصلاة (Orationis domum, House of prayer) للسراسينس (Saracene, Saracens)  وهو حسب المراجع مصطلح كان يستخدم للتعبير عن سكان إقليم البتراء في العهد الروماني.

يتناول أيضا أدومنن في الكتاب قصة عن قطعة قماش مقدسة وضعت فوق رأس الرب المسيح في القبر،  يشب عليها خلاف بين اليهود والمؤمنين المسيحيين، وينتهي هذا الخلاف بتدخل ملك السراسينس معاوية (King of Saracens Mavias)    الذي أمر بإضرام نار ودعا أمام الحضور بإسم المسيح المخلص وألقى قطعة القماش في النار، لكن النار لم تلتهمها، وارتفعت وطارت وهبطت ببطئ عند المسيحيين.

ملك السراسينس معاوية وقصة قطعة القماش المقدسة - من كتاب رحلة آركولوف


وفي معرض حديثه عن دمشق يقول عنها أنها مدينة ملكية يحكمها ملك السراسينس وبها كنيسة أقيمت على شرف القديس يوحنا المعمدان وبها كنيسة يتردد عليها السراسنس غير المؤمنين (incredulorum Sarracenorum ecclesia , church of unbelieving Saracens)

وجّه مؤرخون غربيون انتقادات لهذا الكتاب منها أن المواضع المذكروة موصوفة بشكل غير دقيق، وأن صاحبه غير معروف ويعتبرون الكتاب من تأليف أدومنن، ويتستهجنون المعجزات التي يتحدث عنها وعن قصة رحلة السفينة الغريبة من البحر المتوسط مرورا بمضيق جبل طارق وصولا إلى غرب اسكتلندا.

لم ترد في الكتاب كلمة مسلمين واحدة، ولا إسم محمد –ص- ولا مصطلح مسجد ولا أقصى، وتحدث عن بيت للعبادة مصنوع من خشب يتسع لثلاثة آلاف رجل عند الحائط الشرقي وليس الجنوبي حيث يوجد الجامع القبلي، والكتاب يعتبر السراسينس شبه مسيحيين (Quasi Christians).

أتساءل هنا، هل حقا يريد عدنان إبراهيم الإستشهاد بهذا الكتاب المنسوب لـ"رجل دين" ليؤكد ليوسف زيدان أن هنك من ذكر وجود بيت للصلاة يصلي فيه السراسينس أشباه المسيحيين الذين يحكمهم ملك إسمه معاوية يدعو بإسم المسيح المخلص فوق مكان الهيكل مقابل جبل صهيون في العام 50 للهجرة!؟


وفي رد على ما ذكره يوسف زيدان عن حديث الواقدي عن مسجد أقصى في الجعرّانة، يورد عدنان إبراهيم حديثا من كتاب المغازي للواقدي ذاته، يقول فيه: وقالت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني جعلت على نفسي، إن فتح الله عليك مكة، أن أصلي في بيت المقدس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقدرين على ذلك، يحول بينك وبينه الروم. أي أن الواقدي تحدث عن بيت المقدس، لكن عدنان إبراهيم لم يكمل الحديث:  فقالت: آتي بخفيرٍ يقبل ويدبر. فقال: لا تقدرين على ذلك، ولكن ابعثي بزيتٍ يستصبح لك به فيه، فكأنك أتيته. فكانت ميمونة تبعث إلى بيت المقدس كل سنة بمالٍ يشتري به زيتٌ يستصبح به في بيت المقدس، حتى ماتت فأوصت بذلك. (رابط الصفحة من كتاب المغازي للواقدي: http://islamport.com/w/tkh/Web/332/350.htm )

فهل يُعقل أن يستبدل الرسول الصلاة بشراء الزيت؟ وهل يمكن عملا بهذا الحديث أن  يبعث الناس بأموالهم لشراء الزيت من القدس التي يحول بينهم وبينها الصهاينة فيكونوا بذلك وكأنهم أتوها!؟


الطرح الذي يتبناه يسوف زيدان حول أحقية اليهود في القدس دون المسلمين يعتمد بشكل مطلق على تاريخ إستشراقي مصدره قصص التوراة وتفسيرات رجال الدين لها وإسقاطها جغرافيًا على منطقة الشرق الأوسط وفلسطين تحديدا دون أن يكون في كل آثار المنطقة حجر واحد أو وثيقة تدعم هذا التاريخ، لكن هذا التاريخ التوراتي أصبح يُدرس أكاديميا على أنه تاريخ حقيقي، وأفضل مثال على على عدم دقة هذا التاريخ التوراتي هو أن أهم قصصه من خروج إبراهيم من العراق ودخوله فلسطين وقصة يوسف وخروج بني إسرائيل مع موسى ومملكتي داوود وسليمان رغم أهميتها كلها لم ترد في وثيقة واحدة من وثائق كل الممالك والإمبراطوريات التي تعاقبت على المنطقة، وهنا يقع على عاتق الأكادميين والمثقفين العرب إثبات زيف هذا التاريخ التوراتي الإستشراقي وليس تبني مواقف حاخامت صهاينة كالذي صرح به قبل سنة تقريبا الحاخام الرئيسي للجيش الصهيوني رافي بيرتس عن قدسية القدس عند اليهود دون المسلمين. (رابط للخبر: http://www.al-akhbar.com/node/220823 ).

وللأسف عندما أراد  عدنان إبراهيم أن يثبت أحقية المسلمين بالقدس اعتمد أيضا وبشكل مطلق على مرويات موروثة أطلقها رجال دين، وتمّ الانتفاع بها لأغراض سياسية، وهذه المرويات تصلح لمن يصدقون هذا الموروث من منطلق إيماني، لكن لا يمكن الاعتماد عليها عندما يتعلق الأمر بالموضوعية والنهج العلمي.

لقد قمت قبل سنوات ببحث حول قدسية القدس في الموروث العربي الإسلامي ولم أوّثقه لإدراكي لحساسية الموضوع،  وقد اعتمدت في بحثي نهجا علميا وتصفحت أغلب المراجع العربية، وتتبعت المرويات وكيفية تكرارها بصيغ مختلفة على سلّم الزمن، وتفاجأت عندما اكتشفت أن أهم المرويات التي يُعتمد عليها في هذا الموضوع ترجع لثلاثة أشخاص، هما اليهوديان كعب الأحبار ووهب بن منبّه والنصراني تميم الداري، ,وتم اعتماد أحاديثهم  تحديدا في تقديس الصخرة وتحديد المكان الذي صلى به الرسول بالأنبياء عليهم السلام، وقدسية المنطقة بشكل عام، ووصلت في النهاية لنتيجة أن تصديق هذه المرويات يندرج تحت بند الثقة في الموروث وليس من باب الدليل العلمي.

إن هذا الجدل الدائر بين الدكتورين يوسف زيدان وعدنان إبراهيم حول أحقية اليهود أو المسلمين في القدس مهما اختلفت زوايا الرؤية إليه، يندرج تحت تكريس طبيعة الصراع الديني على فلسطين، وفي حين أن المنطق يقول أنه في ظل عدم وجود أدلة حقيقية على هذه المزاعم بالأحقية الدينية سوى مرويات فالأجدر أن يتم التعامل مع القضية الفلسطينية بواقعها وباعتبارها قضية احتلال قامت بها جماعات صهيونية من جنسيات مختلفة لا يربطها أي رابط مع جماعة عاشت قبل آلاف السنين، ولا يحق لها أبدا الاعتداء على حقوق الشعب الذي يسكن هذه الأرض منذ القِدم.

الفلسطيني لا يدافع عن حقه الديني في فلسطين، وإنما عن حقه في العيش والعمل والنوم والأكل والشرب والعبادة والرقص على أرضه، تماما كما تفعل كل شعوب المعمورة.

أتمنى من كل قلبي أن يكف الدكتوران عن هذا الجدل الذي لا طائل منه والذي لن ينفع الفلسطينيين أبدا في تحرير وطنهم من الاحتلال الصهيوني.

الروابط:
صفحة تعريفية بأركولوف باللغة الفرنسية: https://fr.wikipedia.org/wiki/Arculfe
صفحة تعريفية بالأب أدومنن بالفرنسية: https://fr.wikipedia.org/wiki/Adomnan_d%27Iona
رابط كتاب باللغة الإنجليزية عن الساسينس (الشرقيين) يتناول في بعض أقسامه كتاب أدومنن عن أركولوف ورحلته: https://books.google.jo/books?id=qmAYkuZnMMQC&dq=quasi+christian+arculf&hl=ar
نسخة إلكترونية  باللغة الإنجليزية لكتاب الأراضي المقدسة لأدومنن عن رحلة آركولوف: http://users.skynet.be/Melissalatina/archivum/133/texte.htm

نسخة الكترونية باللغة اللاتينية لكتاب الأراضي المقدسة: https://la.wikisource.org/wiki/De_locis_sanctis
نسخة الكتروني لكتاب "The library of the Palestine Pilgrims' Text Society" الذي يتناول كتاب الأرضي المقدسة لأدومنن: http://www.archive.org/stream/libraryofpalesti03paleuoft/libraryofpalesti03paleuoft_djvu.txt

نسخة مصورة من كتاب أدومنن عن رحلة آركولوف باللغة الإنجليزية: https://archive.org/stream/libraryofpalesti03paleuoft#page/n0/mode/2up




السبت، 26 ديسمبر 2015

هكذا يلبس يوسف زيدان بدلة العلماني ويتحدث بلسان حاخام

أثارت في الآونة الأخيرة تصريحات ليوسف زيدان عن حق اليهود في القدس لغطا كبيرا وتفاوتت ردود الفعل بين الانفعال والتأييد  النابعين حتما من عواطف دينية لا علاقة للعقل والمنطق بها، هنا سأتناول هذه التصريحات بشكل موضوعي وموجز وبعيد عن العواطف الدينية.

يمكن تلخيص ما يقوله زيدان في النقاط التالية:

- اليهود العائدون من السبي أقاموا معبدا كبير في بلدتهم الصغيرة بيت همقداش (أورشليم) والتي سكنها قبلهم جماعات كنعانية ويبوسية.
- سنة 70 ميلادية دمر قائد روماني إسمه تيطس المدينة الصغيرة أورشليم (بيت المقدس) والتي بالغ اليهود في الحديث عن عظمتها وحطّم معبدها المسمى هيكل سليمان بسبب مكر اليهود وحديثهم عن المخلص القادم ورغبتهم في إقامة دولة دينية.
- سنة 135 ميلادية أزال الإمبراطور الروماني "إيليوس هادريانوس" البقايا الباقية من بلدة أورشليم وأقام مدينة إيلياء وصارت مدينة مسيحية وشيدت فيها لاحقا الإمبراطورة هيلانة كنيسة القيامة.
- وبعد ذلك صارت المدينة عربية مسلمة.


وبحسب زيدان يمكن اختصار تاريخ مدينة القدس في أنها:

- عربية مسلمة لمدة ألف سنة تقريبا
- سريانية آرامية مسيحية لمدة 800 سنة تقريبا
- عبرية يهودية لمدة 500 سنة تقريبا
- فلسطينية لعدة قرون (البلستيون القادمون من البحر)
- يهودية لعدة قرون
- كنعانية لعدة قرون


- ويضيف أن المكر اليهودي يدفعهم في عصرنا لشن حرب دينية بدعوى أنهم يطهرون الأرض ليتحقق وعد الرب الذي قد تحقق في نظر زيدان وأن ما يقومون به هو بطش وعمل لا ديني يخالف وعد الرب، وأن خوض الحروب بين من يسكنون الأرض من عرب (يقصد زيدان الفلسطينيين)  وعبرانيين (يقصد زيدان بها الصهاينة) هو عمل أحمق.



- وأن القدس ليست مدينة مقدسة للمسلمين، وأن المسجد الأقصى في القدس ليس هو المقصود بآية الإسراء وإنما المقصود بها مسجد بالجعرانة قرب مكة ورد ذكره في كتب عربية، وأن المسلمين قدسوا المدينة بناء على تقديس اليهود لها.



يمكن استخلاص مما سبق أن يوسف زيدان يتبنى القصة التوراتية (الإستشراقية) ولكنه يتعارض معها في التفاصيل كالقول أن المدينة كانت صغيرة وليست عظيمة كما يزعم اليهود، ويقرّ بأن ما حدث هو تحقيق لوعد الرب لكن مكر اليهود دفع المسيحيين للقضاء على مدينتهم وبناء قدسية لهم فيها  تماما كما فعل المسلمون بعد ذلك، وفي النهاية الفلسطينيون الحاليون واليهود لهم حق في المدينة.



المعلومات التالية وإن كانت مزعجة لأتباع الديانات الثلاث لا تخفى على الباحثين الجادين في تاريخ القدس وفلسطين:



- لا يوجد أثر واحد في فلسطين يعود لمملكة داوود أو سليمان أو هيكل أو أي شيء آخر له علاقة بقصص التوراة

- لا يوجد أثر واحد في فلسطين له علاقة بقصص المسيح، وأن كنيسة القيامة القدس وكنيسة المهد في بيت لحم بنيت بعد مئات السنين من الوقت المفترض لميلاد المسيح
- لا يوجد أثر واحد في فلسطين له علاقة بقصة الإسراء والمعراج وأن قبة الصخرة بنيت سنة 72 للهجرة وأن الجامع القبلي بني سنة 95 للهجرة بناء على روايات وقصص وتفسيرات ربطت بين سورة الإسراء والمدينة

إيمان أتباع الديانات بقدسية المدينة نابع فقط من تصديقهم للقصص التي ورثوها وليس متربطا البتة بآثار، وهذا الإيمان المطلق بالموروث يدفع أتباع كل ديانة لمواجهة أي تعرض لهذه المقدسات أو حتى لفكرة قدسيتها مما قد يؤدي إلى نشوب صراعات دموية.


وبما أنه لا توجد آثار في فلسطين يمكن الاعتماد عليها لتأكيد القصص الدينية للديانات الثلاث فالعقل والمنطق يستوجبان إسقاط البعد الديني والتعامل مع ما يحدث بإعتباره احتلالا استيطانيا من عصابات صهيونية مختلفة الأجناس لأرض شعب عُرِف تاريخيا بإسم الفلسطينيين، وليس تبني القصة التوراتية كمرجع رئيس لوضع تاريخ للمدينة والمنطقة كما يفعل يوسف زيدان وفعل التوراتيون والمستشرقون من قبل.



يؤكد فاضل الربيعي بما لا يتعارض مع العقل بأن قصص التوراة تتحدث عن قبيلة عربية بائدة إسمها بنو إسرائيل عاشت في الجزيرة العربية ولا علاقة لهذه القبيلة بفلسطين ولا بالصهاينة الذين قدموا  بعد آلاف السنين من مختلف أصقاع الأرض ليحتلوا أرض فلسطين، وهذا المبدأ ذاته ينسحب على أي قصص تؤسس لحق ديني لأي طرف في أرض فلسطين، فكل تلك القصص سواء كانت حقيقية أو أسطورية هي قصص قديمة لا يمكن إستحضارها من الماضي السحيق ليدفع ثمنها أبناء الحاضر والمستقبل.



ورغم أن يوسف زيدان يزعم بأنه يعارض  الطابع الديني لما يحدث في فلسطين، إلا أنه يريد أن نصدق القصة الدينية إلى الحد الذي يعطي لصهاينة يهود في القرن الواحد والعشرين حقا في أرض فلسطين بناء على قصص عن قبيلة عاشت قبل آلاف السنين ثم يطالب بتفريغ الصراع من الطابع الديني والقبول بفكرة العيش المشترك بين العبريين على حد قوله (الصهاينة) والعرب (أي الفلسطينينن) على هذه الأرض التي يعتبر أن لهم فيها حقا مشتركا، وأن عدم إقتناعهم بهذه الفكرة يجعل منهم حمقى في نظره!



يوسف زيدان شاء أم أبى يترديده للقصة التوراتية الإستشراقية وإقراره بحق اليهود في فلسطين يرسّخ البعد الديني لإحتلال فلسطين ويشارك في جعل هذا الصراع دينيا لا نهاية له، فهل يقبل يوسف زيدان أن تدعي جماعة في هذا العالم أن لها حقا دينيا في مصر؟


الفلسطينيون شعب سرق رجال الدين والمؤرخون تاريخهم، فلا تكاد كتب التاريخ تذكرهم وإن ذكرتهم فتجعل منهم الأعداء الغزاة، فأي تاريخ وأي تلفيق هذا؟


الفلسطينيون ليسوا استثناء عن شعوب الأرض، فهم لا يدافعون عن حقهم الديني في أرضهم  وإنما عن حقهم كأي شعب في هذا العالم في أرضه.


لمن يريد التحقق من كلام يوسف زيدان، الرابطان أدناه لتبيانين من خمسة نشرها على صفحته على الفيسبوك لتوضيح وجهة نظرة في موضوع القدس:



التبيان الأول فى المسألة المقدسية . . عن المكر اليهودى :

https://www.facebook.com/youssef.ziedan/posts/10153444157933640


التبيان الثانى فى المسألة المقدسية . . عن أصل المعراج :

https://www.facebook.com/youssef.ziedan/posts/10153445835173640


للراغبين بتناول وجهة نظر علمية موثقة بالأدلة، يمكنهم العودة للتدوينات التالية على مدونة العقل زينة وهي:

- فلسطين ليست أرض قصص التوراة: ملخص كتاب التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها لعالم الآثار الصهيوني إسرائيل فنكلشتاين ونيل سيلبرمان، وهو كتاب يثبت بدليل الآثار عدم إمكانية حدوث قصص التوراة في فلسطين:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2015/09/blog-post.html

- عن اختلاق اسرائيل القديمة وإسكات التاريخ الفلسطيني على أرض فلسطين للعالم التوراتي كيث وايتلام، والذي يثبت كيف تمت سرقة التاريخ الفلسطيني وصناعة تاريخ توراتي في المنطقة:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2014/05/blog-post_15.html

- مسرح أحداث التوراة ليس فلسطين ـ تحريف الأحداث عن مواضعها: أكبر كذبة في التاريخ، عن كتاب فلسطين المتخيلة لفاضل الربيعي، والذي يضح مسرحا جغرافيا بديلا يقبله العقل لقصص التوراة وهو في اليمن القديم. التدوينة تقدم مثالا على عمليات التدقيق التي قمت بها على الكتاب:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2013/03/blog-post.html

الأحد، 27 سبتمبر 2015

فلسطين ليست أرض قصص التوراة: ملخص كتاب التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها لإسرائيل فنكلشتاين ونيل سيلبرمان


التواة اليهودية مكشوفة على حقيقتها، كتاب صدر في 2001 لعالمي الآثار إسرائيل فنكلشتاين ونيل آشر سيلبرمان، وهو كتاب ينتقد التاريخ القائم على القصص التوراتية مستندا على الموجودات الأثرية في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، جازما بأن هذه القصص لم تحدث في الأزمنة التي نسبت لها وأن معظم هذه القصص كما يعتقد الكاتبان كُتبت بين القرنين الثامن والخامس ق.م أي بعد العودة من السبي البابلي .


إسرائيل فنكلشتاين بروفيسور في علم الآثار والتاريخ ويعمل في جامعة تل أبيب متخصص في العصرين البرونزي والحديدي (الفترة المفترضة توراتيا لدولتي داوود وسليمان) عمل على التنقيب في موقع مجدو (تل المتسلم قرب الناصرة) وهو صهيوني فخور بصهيونيته، ولم تُجدِ أبحاثه واكتشافاته ومصداقيته العلمية لتحويله عن الفكر الصهيوني القائم على اغتصاب فلسطين بصفتها أرضا الميعاد، وهو يقر بذلك في لقاء ضمن برنامج في الصميم لقناة بي بي سي (للمشاهدة يمكن فتح الرابط أسفله)




وسيلبرمان عالم آثار مؤرخ تدرب في الجامعة العبرية وعمل مع فنكلشتاين في تأليف كتاب التوراة اليهودية مكشوفة  على حقيقتها.

أهمية الكتاب تكمن في طريقة تناوله للآثار واعتبارها مكوّنا ماديا على أساسه يتم بناء القصة، وليست قطعا آثرية يتمّ تطويعها لتخضع للقصة التوراتية، بمعنى أن الِكتاب يستنبط من الآثار الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعقائدية وتطورها في هذا المحيط الجغرافي، ومن ثمّ مقارنة النتائج بقصص التوراة، وليس كما كان يفعل المستشرقون وعلماء الآثار التوراتيون الذين كان ينقبون في مناطق المرتفعات (لأنها ترتبط بفكرة المستوطنات التي كان يعيش فيها بنو إسرائيل قديما) وكلما عثروا على تمثال قالوا تمثال أجدادنا وإن فتحوا قبرا قالوا قبر أجدادنا،  وإن عثروا على آنية قالوا آنية أجدادنا، ثم يسترسلون في الكذب وفي تأليف قصص ومن ثَمّ اسقطاها على أماكن في فلسطين باعتبارها أماكن وردت في التوراة.

سأورد في هذه التدوينة بعض أهم النتائج التي وصل إليها الكتاب اعتمادا على الآثار وعلى تحكيم العقل والمنطق في دراستها وتحليلها، ولاثراء التدوينة أرفقت مع كل نتيجة صورة من صفحات الكتاب، لكن ذلك لا يُغني عن قراءة الكتاب كاملا للمهتمين بالقضية الفلسطينية والمنشغلين بإيجاد حلٍ لها.

أول النقاط التي يشكك فيها الكتاب هي قصة الآباء وتحديدا قصة رحلة إبراهيم من أور ودخوله فلسطين في القرن 20 ق.م، فاعتمادا على أبحاث تنقيب  في تل جمه في النقب الغربي تم اكتشاف أن زيادة مثيرة في أعداد عظام وبقايا جِمال يعود للقرن السابع ق.م وليس قبل ذلك وأن هذه الجِمال بالغة تستعمل في القوافل وليست قطعانا تمت تربيتها محليّا.




الجمال لم تكن تربى قبل القرن السابع ق.م مما يتعارض مع قصة إبراهيم ودخوله إلى فلسطين بحسب التوراة

ونظرا للإختلاف الواضح بين طبيعة المنطقة وموجوداتها الأثرية والبيولوجية، فقد ذهب الكتاب أبعد في إنكار حدوث قصص سفر التكوين في فلسطين، عندما قال أن الحل لهذا اللغز  هو أن  تكون كتابة سفر التكوين قد تمّت بين القرنين الثامن والسابع ق.م وتمت صياغتها باستخدام وسائل الحياة المتاحة وقتها، وليس قبل ذلك.

الحل بنظر الكاتب هو أن تكون التوراة كُتبت في القرن السابع

ويقدّم الكتاب دليلا على ذلك بشكل منطقي ويقول أن اتخاذ حبرون (الخليل) التي ستكون المدينة الملكية الأولى لمملكة يهوذا هو نوع من تركيب قصص لا وجود لها بناء على ظروف راهنة، فيُصبح بذلك للمدينة بعد تاريخي وديني مُلهم.

عن التناقض بين القصة والمكان


مما دفع الكاتبين إلى الاعتقاد أن فكرة الخروج من أور (في العراق) هي لإعطاء سمعة كبيرة عن وطن أصلي  ومسقط رأس لأب عظيم وسلف قومي مشهور وفي ظل فترة كان السيادة فيها للإمبراطورية البابلية.

اختراع أب من أور

وهذا ما يؤكده الكتاب مرارا وتكرارا وعبر عنه بالأدلة، فهو يؤكد أن الآثار تقول أنه لم يكن  هناك آباء (إبراهيم، إسحق ويعقوب..)، ولا خروج من مصر، ولا غزو لكنعان، ولا حكم ملكي متحد (لأسباط بني إسرائيل) تحت قيادة داوود وسليمان، ويتساءل هل حقا إسرائيل التوراتية كان لها وجود من الأصل؟

الآثار ضد القصص

وبنفس الطريقة يتناول الكتاب قصة الخروج من مصر، ويبدأ بطرح السؤال هل عاش الإسرائيليون في مصر أساسًا وهم لا ذكر لهم  في كل نقوشها وكل وثائقها.


لا دليل على حضور الإسرائيليين في مصر

وبذلك سيكون من الصعب تصديق حدوث خروج أسطوري من مصر والسبب في ذلك ليس فقط عدم وجود إسرائيليين من الأساس في مصر بل لأن الحاميات المصرية المزوّدة بالمياه والعتاد كانت تملأ البلاد ومن المستحيل اختراقها بهذا الشكل، وتقدّم مسلّة مرنفتاح دليلا آخر على التناقض عندما تسجّل هزيمة نكراء تعرض لها ناس اسمهم "يسرائر" وكانوا خارج مصر.

وجود حاميات مصرية ينسف قصة الخروج، وعدم انسجام بين الرواية الترواتية ومسلة مرنفتاح

ثم يقدّم الكتاب دليلا آخر على كذب الإسقاط الذي قام به المستشرقون وعلماء التوراة، فقادش (قَدَس) برنيع الواردة في التوراة في سفر الخروج، والتي تمت مطابقتها مع أم القديرات شرق سيناء  لم تكن مأهولة قبل القرن السابع ق.م

قادش برنيع التي تم اسقاطها على أم القديرات شرق سيناء لم تكن مأهولة قبل القرن السابع ق.م

ويتابع الكتاب الاستدلال بالمنطقي، ويقول بشكل ساخر، حتى لو صدقنا حدوث الخروج فكيف تمكن رعاع  فوضوي بعد سنوات من التيه من الغزو والتغلب على قلاع كنعان (فلسطين) العظيمة وجيوشها المحترفة وفيالق عرباتها المدّربة.

كيف تمكن هذا الرعاع الفوضوي من التغلب على قلاع كنعان العظيمة
فكنعان في تلك الفترة التاريخية كما تؤكد الوثائق كانت مقاطعات تابعة إداريا للدولة القوية في مصر وكانت عاصمتها الإقليمية تقع في غزّة.

كنعان كانت مقاطعة مصرية عاصمتها غزة

ولو تجاوزنا كل العقل والمنطق وصدقنا أن ذلك حدث، فكيف تحوّل هؤلاء الرعاة من حياة الفوضى إلى حياة الزراعة والإستقرار؟

من رعاة في التيه إلى مزارعين مستقرين

ورغم كل المحاولات بتأليف قصة غزو أو تسلل سلمي لقبائل إسرائيلية في فلسطين إلا أن الآثار تقول غير وذلك وتؤكد أن من عاشوا وتطوروا في تلك الفترة في هذه الأرض هم ناس محليّون ولم يحدث أي تغيّر في نمط حياتهم.

لا خروج من مصر ولا غزو، من عاشوا في فلسطين في تلك الفترة هم من فلسطين

وأقصى ما يمكن أن يكون قد حدث هو ثورة فلاحين لسكان محليين ضد دول المدن  وليس دخولا لعنصر بشري جديد على المنطقة

ثورة فلاحين وليس غزوا

وبذلك تسقط كل النظريات التي كرست أشكال نشوء إسرائيل في فلسطين.


الآثار نسفت كل نظريات نشوء إسرائيل في فلسطين

وعند الحديث عن ملوك الحكم المتحد وهم شاول وداود وسليمان، فالمكتشفات الأثرية تتناقض تماما مع شهادة الكتاب المقدس، فلا توجد أي أدلة على وجود أي ملك أو أي بناء هندسي معماري تذكاري في المنطقة وفي القدس تحديدا والتي لم تكن إلا قرية صغيرة في تلك الفترة.

جدول يقارن بين المكتشفات الأثرية وقصص  التوراة


ويعترف هنا عالما الآثار أنه حدث استخدام للفخار والخزف الفلسطيني في حياكة قصة الفتوحات الداودية، وأن هذا ليس إلا سرابا خزفيا، وقد أكدت التنقيبات أن هذا النمط من الآثار الطينية لم يكن حكرا على منطقة معينة وإنما كان نمطا مشتركا في المنطقة ولسكانها.
سراب خزفي

وليس ذلك فقط بل تُقدّم التماثيل الدينية دليلا على عدم وحده الديانة، وبمعنى آخر على عدم وجود أي دليل على يهودية الدولة المزعوم.

الديانة لم تكن واحده!


مما يدفع الكتاب إلى طرح سؤال جريء، فبالرغم من كون فنكلشتاين صهيوني ومؤمن إلا أن التناقض بين الآثار والقصة التوراتية للتساؤل: هل داود وسليمان وُجدا؟

هل داوود وسليمان وجدا في فلسطين؟
وماذا عن ثروة سليمان الخيالية المذكورة في التوراة، فهي أقرب للخيال وأبعد ما تكون عن الواقع والآثار، فلا وجود لذكر لسليمان في أي نص تاريخي مصري أو لأي دولة في المنطقة.

ثروة أسطورية

لقد تم تزوير تاريخ المنطقة بشكل محترف ومتقن للغاية، فرغم أن الآثار تؤكد أن أنماط الحياة شرقي وغربي نهر الأردن كانت متشابهة إلا أن التاريخ التوراتي أسس إلى أن من كانوا شرق النهر هم من عمون وموآب وأدوم ومن كانوا غربه كانوا إسرائيليين، وأنه كانت هناك فروقات كبرة بين الجهتين.

نفس النمط غرب وشرق الأردن وليس كما تصف التوراة
ويعترف الكاتبان أن ما تم إسقاطه من أسماء قصص التوراة على فلسطين هي أسماء مواقع رئيسية، أما بقية الأماكن فبقيت مجهولة
المواقع الرئيسية بتغيير الأسماء والإسقاط، أما بقية الأماكن فلا وجود لها في فلسطين



ما قام به هذا الكتاب هو اعتراف ضمني بعدم حدوث قصص التوراة في فلسطين، لكن "صهيونية" فنكلشتاين منعته من إعادة التفكير في أحقية الصهاينة بأرض فلسطين، وبأن إنشاء  الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل هو إغتصاب لأرض شعب آخر.


وهذا الاعتراف هو نصف الصورة، ولتكتمل الصورة يجب التعرف على النظريات التي تقدّمها أعمال كمال الصليبي وفرج ديب وزياد منى وكثير من الباحثين العرب عن جغرافيا بديلة لقصص التوراة والتي أثبتت وإلى حد كبير كتب فاضل الربيعي مثل "فلسطين المتخيلة" و "القدس ليست أورشليم" و "حقيقة السبي البابلي" أنها جغرافيا اليمن القديم، فعلى سبيل المثال لا الحصر قادش (قَدَس) برنيع التي تحدث عنها الكتاب وتمت الإشاره لها أعلاه وأكد استحالة أن تكون أم القديرات في سيناء، يضعها الربيعي في موقعها الجغرافي الذي يتناسب تمام مع القصة التوراتية في اليمن في مكان إسمه إلى يومنا هذا "جبل قَدس" وذلك مدوّن في كتاب فلسطين المتخيلة بالإضافة إلى ضبط كثير من المواقع والأسماء كما هي مرتبة تماما في التوراة.

 لكن تبقى كل هذه النظريات بحاجة  ماسة إلى دليل مادي هو آثار اليمن خاصة والجزيرة العربية والمنطقة عامة، والتي يجب أن يصرخ كل المهتمون بتصحيح التاريخ عاليا لحمايتها من الدمار والتخريب.



تصحيح التاريخ هو أحد أسلحة تحرير كل فلسطين واستعادة الحقوق الفلسطينية  كاملة غير منقوصة والتي لا يجب التفريط فيها، وعلى كل فلسطيني وكل مهتم بالقضية الفلسطينية وكل مناضل من أجل عودة السلام والأمن لفلسطين والمنطقة كلها أن يساهم في تصحيح تاريخها واستعادة ما زوره المستشرقون ورجال الدين والساسة والصهاينة وكل من تعاون معهم.

يجب أن تفقد القضية الفلسطينية طابع الصراع الديني وأن تأخذ طابعها الحقيقي والقابل للحلّ وهي أنها قضية احتلال.

الأربعاء، 15 أبريل 2015

بنو إسرائيل أم طواحين هواء



شأن أي شخص مهتم بالقضية الفلسطينية، يشغل باله بالتفكير في حلّ عقدها وتصوّر حلول لها، لطالما شغلني اسم إسرائيل، وتساءلت كثيرا هل يربط الصهاينة الذين يحتلون فلسطين أي رابط ببني إسرائيل تلك القبيلة التي ورد ذكرها في التوراة، وخاطبها القرآن بلغة عربية، فمن يحتلون فلسطين لا يربطهم ببعضهم إلا الدين اليهودي والفكر الصهيوني، والتنوّع السكاني لهؤلاء الصهاينة يشمل مختلف جهات العالم، فمنهم الأوروبي والأمريكي والإفريقي والعربي والآسيوي، فأي رابط يمكن أن يربط هؤلاء جميعا بقبيلة واحدة اسمها: بنو إسرائيل؟


العارف بالشأن الفلسطيني، يعرف جيّدا أن هدف الصهيونية الأول الذي خطّه بلفور في وعده المشؤوم، وجسده قرار التقسيم كان اقامة وطن قومي لليهود (وليس لبني إسرائيل) وأن تكون قومية هذه الدولة هي اليهودية (وليس الإسرائيلية) ورغم ذلك اختار لها الصهاينة إسم "إسرائيل"!

ومن جهة أخرى صار في حكم العرف تقريبا أن القضية الفلسطينية هي صراع ديني يخوضه أهل الرباط ضد اليهود من بني إسرائيل بناء على تفسير آيات سورة الإسراء التي تقول: "وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا"


وبما أن الآية تتحدث عن بني إسرائيل، والتفسيرات أجمعت على أن آيات سورة الإسراء تتحدث عن فلسطين، فيحق للعاقل أن يسأل أين ذهب بنو إسرائيل؟ ومن هم الآن؟ وهل توجد علاقة بين الصهاينة الذين يحتلون فلسطين وقبيلة بني إسرائيل التي يتحدث عنها القرآن؟ وهل حقا ينطبق التفسير على الواقع؟

قمت ببحث بسيط لأعرف من هم بنو إسرائيل الذين خاطبهم النص القرآني، فرجحت أغلب الكتب أنهم قبائل سكنت يثرب وخيبر وغيرها، ويقول الأصفهاني في كتاب الأغاني: "فكان ممن يسكن المدينة حين نزلها الأوس والخزرج من قبائل بني إسرائيل بنو عكرمة وبنو ثعلبة  وبنو محمر وبنو زغورا وبنو قينقاع وبنو زيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو بهدل وبنو عوف وبنو القصيص".


أي أنهم قبائل تسكن أرضا عربية، تعمل بالتجارة والزراعة وتتحدث اللغة العربية، وظهر منها شعراء كثر ينظمون القصائد باللغة العربية وأشهرهم السموأل ، ويخاطبها القرآن أيضا بلغة عربية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن أغلب التفاسير تقول أن الشاهد المقصود في الآية العاشرة من سورة الأحقاف هو عبد الله بن سلام بن الحارث من بني قينقاع:



وأن  صفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير التي اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لنفسه يوم خيبر كما ورد في كثب الأثر والصحاح هي أيضا من بني إسرائيل.

فكيف اختفت هذه القبائل العربية من مسرح الأحداث والتاريخ؟ وما الذي يربطهم بمن يحتل فلسطين الآن؟


لقد بحثت كثيرا عن إجابة لهذا السؤال، وتصفحت عشرات المراجع العربية والمواقع على الشبكة العنكبوتية، وباختصار شديد كانت النتيجة، أن القبائل اليهودية الثلاث الأشهر والتي تنتمي إلى بني إسرائيل وهي بنو قريظة وبنو قينقاع وبنو النضير كان مآلها بالشكل التالي:

- بنو قريظة وبإجماع أمهات الكتب قام المسلمون بقتل كل رجالهم وسبي نسائهم بعد الخندق

- بنو قينقاع تم ترحيلهم إلى أذرعات

- بنو النضير تم نفيهم إلى خيبر ثم أخرجهم عمر بن الخطاب من الجزيرة إلى أذرعات


ولاقتفاء أثرهم بحثت عن مكان أذرعات، فكان إجماع كل الكتب التي بحثت فيها دون أي خلاف: أن أذرعات هي درعا الشام، وتذكر أغلب هذه المراجع أنهم هلكوا فيها، دون ذكر أية تفاصيل.


لم يكن هذا الكلام مقنعا بالنسبة لي، وتساءلت لماذا تتحول كلمة أذرعات إلى درعا؟ ولماذا الشام؟ لكني لم أجد في الكتب طرحا بديلا، وتركت أمر هذا البحث، لبعض الوقت.

وبعد عدة أسابيع، كنت أقود السيارة وكان تردد المذياع كالعادة مضبوطا على إذاعة بي بي سي، وكانت تعيد بث حلقة مسجلة لبرنامج العلامة حسن الكرمي "قول على قول"، وفكرة هذا البرنامج تقوم على  إرسال المستمعين للكرمي بأبيات من الشعر ويسألون عن قائلها وعن  المناسبة التي قيلت فيها، وكان سؤال تلك الحلقة:

من القائل:

فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ  *** كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ


ويجيب الكرمي كما هو مذكور في التسجيل أعلاه أن البيت من قصيدة لامرئ القيس مطلعها "ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَل البالي...." ثم يضيف وبها أبيات مشهورة ومنها:

تنوَّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثربَ أدنى دارها نظرٌ عالي


وما أن سمعت كلمة "أذرعات" حتى أوقفت السيارة يمينا وأدرت زر الصوت إلى آخره وأصغت السمع حتى آخر الحلقة، وكدت أصرخ مثل أرخميدس "أوريكا أوريكا"، وفور وصولي إلى المنزل فتحت حاسوبي، وبدأت عملية البحث مجددا عن أذرعات، بحثت عن القصيدة، وتفاجأت أن كل الكتب التي تذكر القصيدة وتشرح أبياتها تقول أن أذرعات بالشام، أصبت ساعتها بخيبة أمل وشعرت أني لن أفك هذا اللغز، فكيف تكون خيبر قرب يثرب وأذرعات في الشام، ولماذا يتغزل شاعر نجدي بحبيبة في يثرب من الشام؟

لكن خيبتي لم تدم طويلا، تذكرت أن الرحالة الهمداني  (280- بعد 336هـ) في كتاب صفة جزيرة العرب يذكر معظم أسماء الوديان والجبال والأماكن في الجزيرة العربية، فقررت البحث في هذا الكتاب الرائع، وفعلا وجدت أذرعات في جملة للهمداني يقول فيها: " فأما أريك الأبيض بضم الألف فبناحية نخلة وأوعال وأذرعات وبطن ذي عاج" كما هو موضّح في الصورة أدناه:

من كتاب صفة جزيرة العرب - مطبعة الارشاد- الطبعة الأولى - ص 290


فماك كان علي إلا أن أبحث عن هذه الأماكن: أريك، نخلة، أوعال وبطن ذي عاج، ومتالع


ولم يكن ذلك بالأمر العسير، فبمجرد وضع هذه الأسماء على محرك البحث حتى ظهرت النتائج وأفضل مما توقعت، فقد أتاحت لي الشبكة العنكبوتية:
- صورا لهذه الأماكن
- خرائط تشمل هذه الأماكن
- مدونات لرحلات زارت هذه الأماكن
- مقالات لكاتب إسمه عبد الله بن صالح العقيل عن جبال منطقة القصيم
- وكتاب من عدة مجلدات إسمه: معجم بلاد القصيم للعبودي، وهو كتاب تفصيلي لجغرافيا منطقة القصيم

وكانت النتائج على الشكل التالي:

جبل أريك: جبل في بلاد غطفان وإسمه الآن ريك، جنوب غرب القصيم ويقع شمال جبل ماوان كما يصفه عبد الله بن صالح العقيل في هذا المقال  ، ويصفه العبودي في كتابه في الصورة التالية:
إحداثياته:  25°21'25.56" 41°15'28.77"


وغطفان: بنو غطفان قبيلة عربية كبيرة من قبائل الجاهلية وصدر الإسلام وهي واحده من جماجم العرب الكبرى سكنوا بادية نجد والحجاز جهة وادي القرى وبوادي المدينة المنورة.



معجم بلاد قصيم للعبودي ص 1088-1089


هجرة نخلة: وبجانبها جبل أم فرقين كما يصفها عبد الله بن صالح العقيل على هذا الرابط:
وإحداثيات جبل فرقين هي: 25°11'6" 43°24'44.01"

جبل فرقين قرب هجرة نخلة

ذي عاج: وإسمه الآن عاج ويقع عند هجرة بلغة على الحدود الإدارية للقصيم مع منطقة المدينة، وبطن ذي عاج غرب الجبل، والصورة المرفقة من كتاب معجم بلاد القصيم للعبودي.
إحداثياته:  24°56'38.28" 41°40'41.81


من كتاب معجم بلاد قصيم للعبودي ص 1519-1520


جبل عاج أو ما كان يعرف قديما بذي عاج


متالع: واسمه بحسب عبد الله بن صالح العقيل هو جبل أم سنون كما يشرح على هذا الرابط:
إحداثياته: 25°20'56" 43°21'26.01"


جبل أم سنون الذي كان يعرف بمتالع



أما أوعال فلم أعثر على مكان بهذا الإسم، لكن في بيت شعر أورده العبودي في كتابه معجم بلاد القصيم يقول:

من بطن ذي عاج رعال كأنها **** جراد يباري وجهه الريح مطنب

 وشرح رعال بأنها: جماعات


طبعا لم أجد مكانا بجانب هذه الجبال المتجاورة اسمه أذرعات، لكني وجدت جبلا آخر اسمه جبل درعان بقرب قرية اسمها درعه كما هو موضح في الصورة المرفقة من كتاب معجم بلاد القصيم.
إحداثياته: 25°22'16" 43°33'3.99"


من كتاب معج بلاد القصيم للعبودي ص 954


صورة علوية لجبل درعان قرب درعه من جوجل إيرث
ووبوضع علامات الإحداثيات السابقة بأسمائها على تطبيق جوجل إرث أو خرائط جوجل سنحصل على الصورة التالية:

حيث ستظهر تلك الأماكن متجاورة ضمن منطقة القصيم شرق المدينة المنوّرة (بالنقر على الصورة يمكن مشاهدتها بحجم أكبر):

جبال: درعان وعاج ومتالع وفرقين شرق المدينة المنورة


ولمن يريد التحقق من هذه النتائج، سيجد روابط كل ما سبق ذكره في آخر هذه المقالة.

طبعا بعد هذه البحوث والقراءات، صارت عندي قدرة على البحث بشكل أكثر دقة، واكتشفت عندها أن أذرعات هذه وردت في كثير من الشعر الجاهلي والأموي وكتب المؤرخين كما سأبيّن أدناه:

يقول امرؤ القيس الشاعر النجدي :

ألا أيها البرق، الذي بات يرنقي ****  ويجلو دجى الظّلماء، ذكّرتني نجدا
وهيّجتني من أذرعات وما أرى ****  بنجد على ذي حاجه، طربا بعدا
ألم تر أن الليل يقصر طوله **** بنجد، وتزداد الرياح به بردا؟


وقال الشاعر الجاهلي بشر بن أبي خازم الأسدي من نجد:

كأن مدامة من أذرعات **** كميتا لونها كدم الرعاف



وقال أبو عُبَيْدة: كان عقبة بن زهير بن أبي سلمى يشبب بسلمى، احدى نساء بني الجُلَيح، فتوعدوه فقال:

أتذهب سلمى في النهار فلا ترى *** وبالليل أيم حيث شاء يشيب
المت بنا من أذرعات فسلمت *** من الليل أو رؤيا المنام كذوب

وبنو جليح بطن من بطون بني مطير كما يذكر صاحب هذا المقال على الرابط ، الذي يتحدث عن قبيلة غطفان التي سكنت المنطقة التي نتحدث عنها ومبينة في صورة جوجل أعلاه.



وقد اشتهرت أذرعات بخمرها في الشعر, فقال الشاهر الجاهلي المخضرم أبو ذؤيب الهذلي:

فما إن رحيق سبتها التجا ... ر من أذرعات فوادي جدر

وقال:
فما فضلة من أذرعات هوت بها ... مذكرة عنس كهادية الضحل


وقال أيضا:
مشعشعة من اذرعات هوت بها ... ركاب وعنتها الزقاق وقارها


وقال الشاعر الأموي من المدينة المنوّرة كثيّر عزة :

وما قرقف من أذرعات كأنها ... إذا نزلت من دنها ماء مفصل

وقال الشاعر الأموي النجدي جرير :

أقلي اللومَ عاذِلَ والعتابَا ... وقولي إن أصبتُ لَقد أصابَا
أجدَّك ما تذكر عهدِ نجدٍ ... وحَيّاً طالما انتظروا الإيابَا
بلىَ فارفضَّ دمْعُكَ غير نَزْرٍ ... كما عَيَّنْتَ بالسرَب الطبابَا
وهاجَ البرق ليلةَ أذرعاتٍ ... هوى ما تستطيع لهُ طلابا

ويقول ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ على هذا الرابط:

"وتثاقل في سيره خوفاً أن ترجع القرامطة إليه؛ وأما هم فإنهم ساروا حتى نزلوا أذرعات، وساروا منها إلى بلدهم الأحساء، ويظهرون أنهم يعودون".

وذلك في حديثه عن حملة المعز لدين الله ضد القرامطة الذين ساروا من أذرعات متجهين إلى الأحساء وهي منطقة تقع جنوب شرق اللملكة العربية السعودية.


 ويقول البلاذري في كتابه فتوح البلدان: "وأهل أذرعات وأهل مقنا ، وكان أهلها يهودا ، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ربع غزولهم وثمارهم وما يصطادون على العروك"

فتوح البلدان للبلاذري ص 55
وفي حديث مقطوع (على هذا الرابط): حَدَّثَنَا عَمْرو الناقد ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن وهب المصري ، عن يونس بْن يزيد ، عَنِ ابْن شهاب الزهري ، قَالَ : أنزلت في كفار قريش والعرب وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ سورة البقرة آية 193 وأنزلت في أهل الكتاب قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ إِلَى قوله صَاغِرُونَ سورة التوبة آية 29 فكان أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران فيما علمنا ، وكانوا نصارى ، ثُمَّ أعطى أهل أيلة وأذرح، وأهل أذرعات الجزية في غزوة تبوك .


يمكن مما فات استنتاج أن أذرعات التي لجأ إليها بنو قينقاع وبنو النضير والتي يضعها الرحالة الهمداني قرب أريك وذي عاج وتالع من بلاد غطفان والتي بجوارها جبل إسمه درعان قرب قرية إسمها درعه، وأذرعات هذه هي التي تغنى بها وبخمورها شعراء نجديون من نفس المنطقة في الجاهلية وبعد الإسلام، ويذكرها مؤرخون  في عملية مطاردة نحو الأحساء جنوب شرق السعودية وترد في حديث عن دفع الجزية في غزوة تبوك قبل فتح الشام، ليست إلا مكانا يقع جنوب غرب القصيم وشرق المدينة المنوّرة، داخل الجزيرة العربية.

وبالتالي وبناء على المراجع العربية الآنفة الذكر فالمرجحّ هو أن بني قينقاع وبني النضير لم يخرجوا من الجزيرة العربية، وعلى الأغلب فقد ذابوا في قبائلها خاصة إن هم أعلنوا إسلامهم تماشيا مع التغيرات السياسة والدينية والإجتماعية التي طرأت مع انتشار الإسلام، مما يجعل احتمال انتساب أي شخص ذو أصول  من الجزيرة العربية لبني لإسرائيل أمرا واردا.

ولا يجب أن ينزعج أحد من ذلك لعدة أسباب:

- أن بني إسرائيل قبيلة من قبائل الجزيرة العربية وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلّم منها زوجته صفية بنت حيي بن أخطب.

- عملا بنص الآية: "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"   البقرة (141)

- واعتمادا على ما سبق فلا علاقة لهم بما يحدث في أيامنا في فلسطين



وعليه يجب التفكير في القضية الفلسطينية داخل الاطار التالي:

- اليهود الصهاينة الذين يحتلون فلسطين الآن لا علاقة لهم بقبيلة بني إسرائيل العربية
- اليهود الصهانية الذين يحتلون فلسطين لا يملكون أي حق ديني في فلسطين وأنها ليست أرض ميعاد لأحد
- اليهود الصهاينة الذين يحتلون فلسطين يجب أن يعرفوا أنهم تورطوا في أكبر كذبة في التاريخ
- اليهود الصهاينة الذين يحتلون فلسطين اغتصبوا أرضا ليست لهم وشردوا أصحاب الأرض دون أي وجه حق
- القضية الفلسطينية ليست إلا قضية احتلال، ولا يمكن أن تكون بأي شكل صراعا دينيا
- أرض فلسطين حق مطلق للشعب الفلسطيني يجب استعادته كاملا غير منقوص.


ولا بدّ من وضع النقاط على الحروف، لنتمكن من قراءة الوضع بشكل أوضح:
- فيجب أن يكون من أبجديات التعامل مع القضية الفلسطينية التمييز بين شيئين مختلفين: قبيلة بني إسرائيل والديانة اليهودية، فاليهودي البولندي ليس من بني إسرائيل تماما كما هو الحال لمسلم نيجيري أو أندونيسي فهو ليس من قبيلة قريش.
- بنو إسرائيل قبيلة قديمة عاشت في الجزيرة العربية وكانت بعض قبائلها موجودة في المدينة المنوّرة في فجر الإسلام واختفت بحسب المرويات العربية في مكان إسمه أذرعات بالقصيم، وإن دلّ ذلك على شيء فهو على الأرجح أنهم عاشوا وذابوا في قبائل الجزيرة العربية.
- بعيد عن حسن النوايا أو سوئها، حدثت عمليات تزوير كبيرة في التاريخ قام بها رجال دين ومؤرخون من مختلف الأديان والخلفيات خدمة لمصالح سياسية واقتصادية، أنتجت تاريخا مشوها وجغرافيا مزوّرة، يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة حروبا وتشردا ودمارا.
- الكيان الصهيوني الذي يسمى "إسرائيل" ليس له علاقة بأي شكل من الأشكال بقبيلة بني إسرائيل.


إن إصرار البعض  على تصوير ما يحدث في فلسطين والمنطقة (ودون الاعتماد على أي أساس علمي) على أنه يندرج ضمن صراع ديني تنبأ به رجال دين في عصور سابقة إنما يورطنا في خيوط شبكة  من المزاعم والأكاذيب أوهمتنا أننا فرسان حق ديني نصارع عدوا موجودا وغير موجود، لا نحارب ولا ننتصر لكننا واثقون من النصر، تماما مثل الدون كيخوتي دي لا مانتشا (الدون كيشوط) يعيش في وهم كتب الفروسية يصارع طواحين الهواء ولا يصارعها.

الدون كيخوتي ساقطا على الأرض في معركة غير ناجحة مع طواحين الهواء


لكن في آخر الجزأ الثاني من رواية الأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس سابيدرا  يعود الدون كيخوتي لرشده ويُسقط أوهام تلك الكتب من رأسه، فهل سنعود نحن يوما إلى رشدنا ونرى الواقع على حقيقته ونعثر على الطريق الصحيح لتحرير كل فلسطين؟






المراجع:

قصيدة امرؤ القيس: http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=14325

شرح بيت امرؤ القيس: تنورتها من أذرعات.... من موقع المكتبة الشاملة: http://shamela.ws/browse.php/book-11825/page-88
شرح بيت امرؤ القيس في خزانة الأدب للحموي: http://islamport.com/w/adb/Web/2858/477.htm

من تفسير القرطبي: تيممتها (7) من أذرعات وأهلها * بيثرب أدنى دارها نظر عال : http://islamport.com/w/tfs/Web/1179/1912.htm

من كتاب الأنساب للصحاري: مضى الباقون إلى الشام، فنزلوا اذرعات، وقر الثنية... http://islamport.com/w/nsb/Web/491/234.htm

من كتاب جامع البيان في تأويل القرآن للطبري: http://islamport.com/w/tfs/Web/43/1897.htm

من كتاب شرح ابن عقيل: http://islamport.com/d/3/lqh/1/91/1163.html

هلكوا في أذرعات: ( زاد المعاد - ابن القيم الجوزية): http://islamport.com/w/qym/Web/3188/399.htm

قبائل بني إسرائيل في يثرب من كتاب الأغاني للأصفهاني: http://islamport.com/w/adb/Web/2848/8359.htm

قبائل بني إسرائيل من كتاب تاريخ ابن خلدون: http://islamport.com/w/tkh/Web/912/849.htm

قصة صفية بنت حيي في صحيح البخاري: http://islamport.com/w/mtn/Web/3007/3935.htm


مختصر ما آلت اليه قبائل يثرب من بني اسرائيل: http://www.shiaweb.org/books/zawjat_alnabi/pa17.html

ذكر أهل أذرعات في كتاب أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية: http://islamport.com/d/2/fqh/2/2/2.html


ذكر أذرعات في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر (http://islamport.com/d/1/srh/1/48/1753.html)

ذكر أذرعات في كتب الدر المنثورلليسوطي : (http://www.islamport.com/b/1/tfaseer/%C7%E1%CA%DD%C7%D3%ED%D1/%C7%E1%CF%D1%20%C7%E1%E3%E4%CB%E6%D1/%C7%E1%CF%D1%20%C7%E1%E3%E4%CB%E6%D1%20087.html)


تفسير ابن كثير: (http://www.islamport.com/b/1/tfaseer/%C7%E1%CA%DD%C7%D3%ED%D1/%CA%DD%D3%ED%D1%20%C7%C8%E4%20%DF%CB%ED%D1_1/%CA%DD%D3%ED%D1%20%C7%C8%E4%20%DF%CB%ED%D1%20066.html)


من تهذيب سيرة بن هشام: شعر عن بني النضير وأذرعات (http://islamport.com/d/3/tkh/1/90/2122.html)


ابن الأثير : عن أذرعات ثم هلكوا! (http://islamport.com/d/3/tkh/1/42/606.html)


تقرير عن رحلة فريق الصحراء إلى جبل ماوان: http://alsahra.org/?p=25

مدونة عبد الله بن صالح العقيل عن جبال القصيم: http://abdullah-alageel.blogspot.com


رابط تحميل كتاب معجم بلاد القصيم بصيغة مضغوطة: http://download1591.mediafire.com/teb7l2t6wbbg/9ise4v7mlv3v6c3/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AC%D9%85+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A+%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-+%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D9%85.rar

رابط تحميل كتاب صفة جزيرة العرب للهمدان يبصيغة مضغوطة:  http://dc398.4shared.com/download/E0YqPFiV/___-_.rar?tsid=20150414-074950-b7122633&lgfp=2000

زاد المعاد : (http://islamport.com/d/1/ser/1/17/175.html)

موقع المواقع الجغرافية في المملكة العربية السعودية: http://sa.geoview.info/

موقع خرائط جوجل للذهاب لمواقع الإحداثيات: https://maps.google.com




للمتابعة
على تويتر: https://twitter.com/Safwat_Safi
على الفيسبوك: https://www.facebook.com/safwat.safi
على جوجل +: https://plus.google.com/u/0/114044892980825575911/posts