لا أخفي اندهاشي من هذا التقارب الشديد في نسبتي التصويت بين مرسي وشفيق، والذي يعني أن شفيق كان قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة، بالرغم من أن مرسي قد حصد أصوات مؤيديه من الاخوان وحلفائهم الاسلاميين وشباب الثورة الذين آثروا عدم المقاطعة أو الابطال لصالح اسقاط شفيق، وعامة الناس الذين رأووا في شفيق خطرا وامتدادا لنظام مبارك، وبالرغم من كل هؤلاء كانت نسبتا التصويت متقاربتين جدا، شخصيا لا أملك تفسيرا فهل تملكون؟
فاز مرسي، وفرح من فرح في مصر وخارجها، لكن عقولا كثيرة انتقص من فرحتها اعلان دستوري مكمّل أصفه بالاستدراكي قبيل اكتمال فرز الأصوات، يحدّ من صلاحيات الرئيس القادم ويلفّ الجيش بخطوط حمراء، يُمنع الاقتراب منها، ويعطي الجيش حق التشريع ويضع الباب مفتوحا لكل التكهنات فيما يخص اللجنة التأسيسية والدستور، خطوة اعتبرها البعض انقلابا وشكل من أشكال عدم تسليم السلطة، واعتبرها البعض في سياق خطة مدبّرة وضعها دهاة وخاصة بعد الغاء البرلمان كسلطة تشريعية في البلاد حتى لا تكتمل مفاتيح السلطة مع طرف واحد، ليس خوفا على مصر ولكن خشية على وضع الجيش نفسه كما ورد في أول مادة معدلة في الاعلان الدستوري.
الآن وقد صار مرسي رئيسا، فهنيئا له ولكل من أيّدوه حبا فيه أو نكاية في شفيق، لكن عليه أن يدرك أنه مدين لمصر والعالم العربي والاسلامي بوعود قطعها على نفسه، أولها تحقيق العدالة في مصر، وتشكيل لجان تحقيق لمحاكمة قتلة شهداء الثورة، وثانيها تحقيق أهداف الثورة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، ولينظر بكلتا عينيه إلى غزة، فقد طال حصارها، أعلم أن ذلك صعب لكنك مطالب يا أخ مرسي به.
على مرسي والاخوان أن يدركوا أنهم ما كانوا ليصلوا إلى كرسي الرئاسة لولا مشيئة الله ودعم أطياف الثورة لهم، فلا يغتروا بأنفسهم وليمدّوا أيديهم لمن دافع عنهم، لمن لم يطعنهم لا من قُبُل ولا من دُبر، لشركائهم في الثورة وابنوا جميعا مصر الكبيرة التي تتسع للجميع.
لا شك أن الفرح بخسارة شفيق وفلول النظام السابق شعور جميل ويحتمل بعض الشماتة أيضا، لأنني أعلم وتعلمون أنهم لو فازوا بها لأشبعوا الدنيا شماتة وشتما لشهور عديدة، فبالأمس فقط كان أحدهم على الشاشة يشتم ويسب شباب الثورة بأقذر الكلمات، التي يستقيها من زريبة حيوانات، فما بالكم لو فاز. لكن بعد الفرحة يجب أن يتذكر الجميع أن من صوتوا لشفيق عددهم ليس بالبسيط وهم جزء من هذا البلد على اختلاف مرجعياتهم السياسية والدينية، ويجب أن يشعروا بالاطمئنان والأمان في هذا البلد، فهم اخوة لا أعداء، فان كانت مخاوفهم مبنية على أساس ديني فيجب أن يشعروا بالأمان على دينهم وبأخوة ومحبة الآخرين لهم، وان كانت مخاوفهم اقتصادية فيجب العمل على تأمينها وتوفير الأمن والمساعدة لهم، حينها سيتحولون تدريجيا من فلول وأتباع نظام سابق إلى مواطنين فاعلين يعشقون عيشة الحرية.
أعلن منذ قليل فاروق سلطان فوز مرسي وسقوط شفيق، الحمد لله، افرحوا يا أهل مصر، احمدوا الله، اذكروا الشهداء، عيشوا نصر ثورتكم، أسسوا لمستقبل أولادكم
لكن إلى حين أن تكتمل الفرحة، إلى حين أن يسلّم العسكر السلطة، إلى حين أن تتحقق العدالة على أرض مصر، إلى حين تقوم مصر وتشدّ من حيلها، افرحوا يا أهل مصر فقط سقط شفيق وقد كان قاب قوسين أو أدنى...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق