الجمعة، 24 مايو 2013

نقاط القوة في الكيان الصهيوني قد تكون ضعفا أيضا



إسرائيل كيان استعماري استيطاني، قائم على جزء كبير من أراضي فلسطين، تبلغ مساحته 20 ألف كم مربع وعدد سكانه اليهود حسب احصاء 2013 أكثر من ستة ملايين نسمة، التركيبة السكانية في إسرائيل مكوّنة من يهود قادمين من عدة دول في العالم ومن أجناس مختلفة، وهي قائمة على فكرة: الوطن القومي لليهود.

تستمد إسرائيل قوتها من الدعم اللا مشروط لفكرة الوطن القومي اليهود، التي ترسخت ظاهريا كوازع أخلاقي تحت مسمى قانون معاداة السامية أو كمبدأ ديني عند كثير من ساسة العالم.

لكن يهودية الدولة بقدر ما تمثل عامل دعم لهذه الدولة ، بقدر ما تمثل مشكلة لها، فالتعداد السكاني لهذه الدولة مرهون بعدد اليهود الذين يرغبون في العيش فيها، وعامل السكان وتعدادهم يفرض على إسرائيل أساليب حياة وعلاقات مختلفة، وحتى مشاريع محدودة، فالطابع العسكري للكيان هو نتيجة هذه الطبيعة الديموغرافية، وهذا أيضا سلاح ذو حدين، فبقدر ما هو جيد بنظر البعض أن يكون الشعب مجيّشا بقدر ما سيخلق مشاكل للمتذمرين والمتدينين ولمن يرغبون في حياة أكثر مدنية وأكثر حرية وأمانا، ومن جهة أخرى محدودية عدد السكان يفرض على إسرائيل التفكير ألف مرة قبل الخوض في أي تجربة عسكرية سواء كانت احتلالا أو حربا خاطفة أو متوسطة نسبيا مع أي طرف كان، كما يخشى هذا الكيان أية خسائر بشرية، ويمنعه من التوسع جغرافيا بأي شكل من الأشكال.

وهذا ما يفرض على هذا الكيان السعي بكل الوسائل لإضعاف جيرانه، وابرام اتفاقيات سلام مع الجميع والعمل على ضمان بقاء الحال على ما هو عليه، وفي ظل هذا العجز البشري سيسعى الكيان الصهيوني بمساعدة الغرب على ابقاء من حوله أقل قوة وتنظيما، لكن قادرا على حفظ النظام والأمن وهذه المعادلة ظلت هي العامل الرئيس في العلاقات العربية الإسرائيلية مع الصديق وغير الصديق، فكل الأنظمة تقريبا كانت قادرة على ترسيخ المعادلة (باستثناء حالة لبنان) وحتى عند اشتداد المقاومة في غزة، فضّل الكيان الانسحاب على البقاء وتعريض نفسه لاستنزاف بشري يخشاه كثيرا، ليس فقط خوفا على الأنفس، وإنما على تأثيراته السلبية أيضا على الآخرين.

ما الذي يجعل اليهودي يترك وطنه الأصلي ويقبل بالعيش في إسرائيل؟ أيهما أقوى الدافع الديني أم مستوى المعيشة المقدّم في هذا الكيان؟

في كلتا الحالتين الكيان الصهيوني مجبر على تنفيذ وعوده بتقديم حياة كريمة لسكانه اليهود القادمين من كل أصقاع العالم والذين لا يزال الكثير منهم يحمل جنسيته الأصلية، ومجبر أيضا على تغذية الدافع الديني وتعزيزه لضمان بقاء المتدينين على هذه الأرض ففي حالة الراغبين في حياة ذات طبيعة مدنية لادينية وكريمة سيفكرون في مغادرة هذا الكيان في حال اختلال هذا العامل أو انخفاضه، ونفس الشيء مع العامل الديني، إن لم يستطع هذا الكيان توفير المبرر الديني للوجود في الدولة، سيتزعزع إيمان المتدينين بضرورة البقاء.

نقطة ضعف الكيان الصهيوني الرئيسية هي تركيبته السكانية لكننا وللأسف الشديد لا نعمل على استغلال هذا الضعف، في حين يدرك هذا الكيان ضعفه تماما وهو مستعد للعيش منكمشا بسلام، على أن ينتهي متناقصا بغير سلام، لكننا نحن من لا يدرك ذلك، فعلينا أن لا نخشى المحتل الضعيف، وعلينا أن نسعى لنكون أقوى، وحينها سيكون ممكنا ليس فقط انهاء الاحتلال بل والصراع أيضا.


تحرير فلسطين واستعادة الحق كاملا غير منقوص ليس مستحيلا، لكن علينا جميعا اعادة فهم المشكلة وتفكيكها ووضع الحلول، فكفانا أحلاما ولنفكر لعل الله يوفقنا ويهدي عقولنا وهو على كل شيء قدير.




للمتابعة
على تويتر: https://twitter.com/Safwat_Safi
على الفيسبوك: https://www.facebook.com/safwat.safi
على جوجل +: https://plus.google.com/u/0/114044892980825575911/posts

هناك تعليق واحد: