بالأمس جرى التصويت في اليونيسكو على مشروع قرار تقدّمت به كل من الجزائر ومصر والمغرب ولبنان وقطر وعمان والسودان، وصوّت لصالح القرار 24 دولة وعارضته 6 وامتنع عن التصويت 26 دولة، وسيعاد التصويت على القرار بشكل نهائي يوم الإثنين القادم.
القرار ليس ملزما ولا يمكن إستخدام حق الفيتو ضده، ورغم ذلك فقد أثار غضب الصهاينة بشكل كبير، وثارت ثائرة سياسييهم وأصدروا بيانات اعتراض، وعبروا عن ذلك على مواقع التواصل الإجتماعي، وأجمعت كل مواقع الصحافة الإسرائيلية والعالمية على تناول خبر هذا القرار مقابل صمت شبه مطبق من الصحافة العربية.
سبب الغضب الإسرائيلي هو ما تضمنه هذا القرار من إنكار لحق اليهود في القدس والقدس الشرقية تحديدا، فالقرار لا يقول صراحة أنه لا علاقة بين القدس والتاريخ والديني اليهودي وإنما يقول ذلك ضمنا، فهو يُسمّي المسجد الأقصى بإسمه ولا يقول جبل الهيكل، ويعتبر الحائط الغربي وباب المغاربة أجزاء تابعة للأقصى ويستنكر أعمال الحفر التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسياسة التضييق على الأوقاف الأردنية ومشروع المصعد عند الحائط وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، وبذلك فالقرار يقول أن ما هو داخل أسوار الأقصى والقدس هو أبنية إسلامية ولا علاقة لليهود بها.
كيف فهم الإسرائيليون القرار؟
نفهم ذلك من ردود الفعل والتصريحات، فقد قال نتنياهو أن اليونيسكو لم تقرأ التوراة، أي أن اليونيسكو لا تعرف أن الأقصى هو جبل الهيكل، وأن نفي علاقة القدس باليهودية هو شبيه بنفي العلاقة بين الصين وسورها العظيم وبين مصر وأهراماتها، لكن ما لم ينتبه له نتنياهو هو أن القرار يربط بين مسجد قائم وأبنية تاريخية مع شعب فلسطيني موجود، تماما كما هو الحال بين الصين وسورها القائم ومصر وأهراماتها الماثلة أمام العالم كله، في حين أن الصهاينة يرّوجون لهيكل فشلت كل أعمال التنقيب في العثور على أثر واحد له.
نفهم ذلك من ردود الفعل والتصريحات، فقد قال نتنياهو أن اليونيسكو لم تقرأ التوراة، أي أن اليونيسكو لا تعرف أن الأقصى هو جبل الهيكل، وأن نفي علاقة القدس باليهودية هو شبيه بنفي العلاقة بين الصين وسورها العظيم وبين مصر وأهراماتها، لكن ما لم ينتبه له نتنياهو هو أن القرار يربط بين مسجد قائم وأبنية تاريخية مع شعب فلسطيني موجود، تماما كما هو الحال بين الصين وسورها القائم ومصر وأهراماتها الماثلة أمام العالم كله، في حين أن الصهاينة يرّوجون لهيكل فشلت كل أعمال التنقيب في العثور على أثر واحد له.
وبالتالي فالمصادقة على القرار وإستثماره بشكل صحيح يعني أنه:
- إقرار بعدم وجود أي أثر يؤيد المزاعم اليهودية في المدينة
- لا يمكن أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل
- لا يمكن أن تكون القدس يهودية
- دولة إسرائيل المزعومة لا أورشليم لها
- لا يمكن المطالبة بيهودية الدولة طالما أن أورشليم ليست القدس
- إقرار بعدم وجود أي أثر يؤيد المزاعم اليهودية في المدينة
- لا يمكن أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل
- لا يمكن أن تكون القدس يهودية
- دولة إسرائيل المزعومة لا أورشليم لها
- لا يمكن المطالبة بيهودية الدولة طالما أن أورشليم ليست القدس
أولى خطوات التصعيد الإسرائيلي كانت إعلان مقاطعة اليونيسكو ومطالبة دول أوروبية بالمثل، وهو أمر يجب أن يدفع الديبلوماسية الفلسطينية والعربية عموما للتأمل في ردة الفعل الغاضبة هذه وإدراك أهمية هذا القرار وما يتضمنه وكيفية إستغلاله إلى أبعد حد. ويمعنى آخر وخوصوصا بعد إنضمام فلسطين لليونيسكو، فبإمكانها المطالبة بحماية التراث والمقدسات والمطالية تدريجيا بإيقاف عمليات التنقيب والتوسع اليهودي في المدينة.
ولو أني شخصيا لا أعول على هذه الديبلوماسية، والتي قد تعتبر القرار ورقة تفاوضية، لكن يجب أن أشرح سبب سعادتي بهذا القرار، فمنذ سنوات قدم عدد كبير من الباحثين العرب أعمالا تبحث عن الجغرافيا الحقيقية لقصص التوراة، واتفق عدد كبير منهم على أن هذه الجغرافيا تتطابق مع جغرافيا الجزيرة العربية وتحديدا الجنوب الغربي منها، وقد تفاوتت أساليب الطرح والتناول والمصادر التي اعتمد عليها هؤلاء الباحثون الذين أذكر من بينهم فرج ديب و احمد عيد وكمال الصليبي و المفكر العربي فاضل الربيعي و أحمد الدبش لكن هذه اللأعمال لم تلق التجاوب المناسب على الصعيد العربي ولم تدفع الساسة العرب لتناول الموضوع بشكل جدي وإتاحة المجال لأعمال تنقيب ومراجعة لآثار المنطقة أو لدفع الأكادمين العرب لتسليط الضوأ على الموضوع وتناوله بحثا وتمحيصا. ليأتي قرار من اليونيسكو ليثير ضجة عالمية ويكشف بشكل لافت للانتباه عن الغضب الإسرائيلي بسبب هذا القرار الذي يتزامن مع جدال في الأروقة الأكاديمية الغربية حول عدم صحة التاريخ التوراتي الذي تم إسقاطه على المنطقة والذي تناوله عدد من الكتب والمقالات لعلماء توراتيين وباحثي آثار. ولحسن الحظ أن كتابي فاضل الربيعي "القدس ليست أورشليم" و"أسطورة عبور الأردن" قيد الترجمة إلى اللغة الإنجليزية وسينزلان قريبا للأسواق، ليساهما في وضع ملف التاريخ التوراتي على طاولة النقاش والجدل الأكاديمي في دول الغرب الذي أيد ولا يزال الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
أي أن المطلوب (في غياب جهد فلسطيني بالدرجة الأولى وعربي بالدرجة الثانية على الصعيدين والسياسي والأكاديمي) هو أن يتم مناقشة التزييف الذي حصل في تاريخ المنطقة والعالم باعتماد قصص التوراة كمرجع تاريخي دون الاستناد على وثائق وآثار المنطقة، وأن تكف قوى عالمية من دعم الاحتلال الصهويني لفلسطين.
ما نريده حقا هو أن نعيد لفلسطين وللمنطقة تاريخها المسروق، وأن نكف عن ترديد تاريخ توراتي يبحث عن سراب هيكل ليمنح حقا لعصابات متعددة الجنسيات في احتلال أرض شعب آخر.
رابط مشروع القرار: http://unesdoc.unesco.org/images/0024/002462/246215e.pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق