مسرح أحداث التوراة ليس فلسطين ـ تحريف الأحداث عن مواضعها: أكبر كذبة في التاريخ

فلسطين ليست مسرح الأحداث التي ترويها التوراة، هذا ما توصل إليه الباحث والمفكر فاضل الربيعي في كتابه"فلسطين المتخيّلة، أرض التوراة في اليمن القديم".


الكتاب يقارن ويطابق أسماء المواضع والقبائل الوارد ذكرها في التوراة مع أسماء المواضع الموصوفة في كتاب "صفة جزيرة العرب للرحالة العربي اليمني الهمداني ومع أسماء القبائل العربية الواردة في كتاب "الإكليل"لنفس المؤلف، ويعزز هذه المطابقة بأبيات شعر للشعراء العرب الذين وصفوا وتغنوا بمواضع هذه الجزيرة في قصائدهم ومعلقاتهم.

كتاب "فلسطين المتخيّلة، أرض التوراة في اليمن القديم" لفاضل الربيعي في مجلدين

كان لعنوان الكتاب وقع الناقوس في ذهني، فسعيت لاقتناء نسخة منه، ولتكون القراءة أكثر موضوعية، اقتنيت نسخة مترجمة إلى اللغة العربية من الكتاب المقدّس  ونسختان الكترونيتان من كتابي "الإكليل" و "صفة جزيرة العرب" للهمداني، بالإضافة إلى الكم الهائل من المعلومات التي تتيحها الشبكة العنكبوتية من مراجع ومقالات وصور وخرائط.

وأثناء قراءة الكتاب قررت إعداد هذا الموضوع ومشاركته، وقد حاولت قدر المستطاع أن أرفق أغلب المعلومات والأسماء الواردة في هذه المشاركة بمراجع وروابط للصفحات التي ذكرت فيها وكذلك صور وخرائط توضيحية، فأرجو تتبع الروابط لمشاهدة المرجع والتعرف على معلومات إضافية عن الأشياء المشار إليها.

ما وصل إليه المؤلف هو نتاج مجموعة أبحاث ودراسات قام بها مجموعة من الباحثين في سياق البحث عن مسرح أحداث التوراة والبحث عن الحقيقة التي يمكن أن يقبلها العقل، ورغم أن السابقين أصابوا في بعض ما وصلوا إليه وأخطأوا في البعض الآخر، إلا أن أبحاثهم مهّدت االطريق لفاضل الربيعي ليصل إلى ما وصل إليه وهو ما سيمهد الطريق أيضا لمن سيأتي بعدهم لحين الوصول للحقيقة كاملة.

ولتبسيط الأمور سأقدّم تعريفات سريعة ليتسنى متابعة القادم من المشاركة بسلاسة ودون غموض.

- الكتاب المقدس: يتألف من "العهد القديم" وهو الكتاب المشترك بين اليهود والمسيحيين وقد كُتِب أصلا باللغة العبرية، و "العهد الجديد" الخاص بالمسيحيين وقد كُتِب أصلا باللغة اليونانية.
- "العهد القديم يتألف من أسفار "الشريعة" أو "التوراة" و أسفار "الأنبياء" وأسفار "الكتب".
أسفار الشريعة أو ما يسمى بالتوراة: وعددها خمسة وهي التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية منسوبة كلها إلى النبي موسى عليه السلام.
- أسفار "الأنبياء" وعددها واحد وعشرون وهي تاريخية المضمون  وهي: يشوع والقضاة وصموئيل الأوّل والثاني، والملوك الأوّل والثاني، وإشعياء وإرميا  ووحزقيال وهوشع ويوئيل وعاموس وعوبيديا ويونان وميخا وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجّي وزكريّا وملاخي.
- أسفار "الكتب": وأسفار أدبية وشعرية منسوبة لشعراء وعددها ثلاثة عشر وهي: أخبار الأيام الأول والثاني، والمزامير وأيّوب والأمثال وراعوث ونشيد الإنشاد والجامعة ومراثي إرميا وإستير ودانيال وعزرا ونحميا.(المصدر: البحث عن يسوع، كمال الصليبي)

- كتاب الإكليل لأبي محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني (280- بعد 336هـ): يروي فيه أخبار العرب والأمم سابقة وأسماء القبائل العربية.

- كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني: يصف فيه جغرافية الجزيرة العربية وحياتها النباتية ويعدّ ما فيها من القرى والقبائل

النسخة العربية من  التوراة تروي أحداثا ضمن جغرافيا معيّنة، تشمل بعض الأسماء التي نعرفها لأنها من فلسطين وما حولها، ففلسطين والقدس (أورشليم) وأريحا (يريحو) وبيت لحم و الخليل (حبرون) وأشدود وصور وصيدا (صيدون) ورفح ونهر الأردن  ووادي عربة(ها-عربة) وجرش وحوران وسيناء، كلها أسماء لمواضع معروفة تقع ضمن الحيز الجغرافي لما يعرف ببلاد الشام عامة وفلسطين خاصة، لكن ما عدا هذه الأسماء المعروفة ستجد نفسك أمام كمّ هائل من الأسماء التي تصف مواضع لا وجود لها في المنطقة كلها، من جهة ومن جهة أخرى الأحداث تدور في جغرافيا مملوءة بالوديان المتقاطعة والجبال المتقابلة ذات أسماء غريبة عن المكان، وحتى الأسماء المعروفة فإنها مرتبطة بطبيعة جغرافية مخالفة تماما عما هي عليه في فلسطين، وأفضل مثال على ذلك أن التوراة تضع أورشليم على قمة جبل، في حين أن القدس الفلسطينية قائمة على تلة.

والعارفون بالجغرافيا يعرفون جليّا الفرق الشاسع بين طبيعة الأرض في فلسطين واليمن، ففلسطين لا تعرف أبدا هذا الكم الهائل من الوديان المتقاطعة والتي تصب في الساحل والتي تمر عبر جبال شاهقة، في حين تعرف اليمن عددا كبيرا من الأودية يصفها الهمداني في كتابه جزيرة العرب، وتعرف أيضا سلاسل جبلية منها الجبل الأقصى ارتفاعا في الجزيرة العربية وفي بلاد الشام وهو جبل النبي شعيب  (3670 متر: صورة) والذي يقع في محافظة صنعاء  ومنها أيضا جبل صبر الذي يعتبر ثاني أقصى ارتفاع عن سطح البحر (3070 متر) و ويقع جنوب مدينة تعز وفي قمته حصن العروس وبه  جامع أهل الكهف.


وحتى لو فرضنا جدلا أن المواضع المذكورة في التوراة هي نفسها في فلسطين وما حولها فإن هذا الإسقاط سيفقد معناه بمجرد تتبع الأحداث التي ترويها التوراة، فليس من المنطقي مثلا أن ينطلق جيش من أريحا متجها شمالا إلى صور في لبنان مرورا جنوبا بوادي عربة في الأردن، ولا أن يتجه شخص مثلا من الخليل إلى القدس عبر بئر السبع، أو بمعنى آخر لن تسافر برا من القاهرة إلى الرباط مرورا ببغداد.

لايجاد تفسير لهذا التناقض وهذا الإسقاط غير المعقول، قام الأستاذ فاضل الربيعي بتعلّم اللغة العبرية لقراءة النص التوراتي بلغته الأصلية، ليجد نفسه أمام أسماء مختلفة في البنية عن الأسماء الواردة في الترجمة العربية.والترجمة هي التي جعلت من اليردن أردن ومن "ها-عربة" "وادي عربة" ومن عزة غزة وغيرها من الأمثلة. أي أن مترجمي التوراة قاموا باسقاط الأسماء الموجودة على ما تيسر لهم  من أسماء  ذات بنية قريبة للإسم الوارد في أسفار العهد القديم أو قاموا بتوزيع الأسماء على مواضع في فلسطين لم تحمل يوما مثل هذه الأسماء ليكون هذا الاسقاط والتحريف أكثر اتقانا واقناعا، وهنا يحضرني الكم الهائل من صور الخرائط المرسومة بدقة منذ مئات السنين لفلسطين، والتي يمكنكم أن تجدوا نسخا عديدة منها على محركات البحث، فيا ترى لِمَ كان كل هذا الاهتمام بهذه الأرض وبأسماء مدنها وقراها وبوضع خرائط دقيقة لها بأسماء وهمية؟

خريطة توضح أسماء المواضع التي تم اسقاطها على  فلسطين يعود تاريخها لسنة 1759
مصدر الصورة: http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/e/e8/1759_map_Holy_Land_and_12_Tribes.jpg

العارفون بجغرافيا فلسطين يمكنهم تكبير صورة الخريطة في الأعلى وملاحظة حجم التزوير والتحريف لأسماء لا وجود لها في فلسطين لكنها كتبت ورسمت على خريطتها استنادا على الرواية التوراتية التي أَسقطت زورا وكذبا على أرض فلسطين وجوارها وهذا التحريف هو الذي مهّد نظريا لاحتلال فلسطين إلى يومنا هذا، وفي الرابط التالي أكثر من أربع مئة مثال عن هذا التزوير: "الأعلام الجغرافية الفلسطينية بين الطمس والتحريف"، وسيكون من المفيد توثيق هذه الأماكن وارفاقها بكل المعلومات التاريخية والجغرافية، وسأحاول أن أقوم بذلك في مشاركة أخرى (bit.ly/YyyyFg ، bit.ly/YyyB3U).

سأقدم في هذه المشاركة بعض الأمثلة عن  ما وصل إليه المؤلف من مطابقات، وسأضيف عليها بعض الأمثلة من التوراة  والمواضع الموجودة إلى يومنا في اليمن مع الصور والأدلة.

هذا المثال هو من السفر السادس في العهد القديم والسفر الأول في الأسفار التاريخية: سفر يشوع، وهو منسوب ليشوع بن نون وفيه سرد لأحداث تاريخية ويوضح بشكل مفصل توزيع الأرض المذكورة في التوراة (والتي تم معاملتها على أنها فلسطين) على أسباط بني اسرائيل الإثنى عشر. في الإصحاح الثامن عشر 11-26 يتم تفصيل نصيب سبط بني بنيامين من الأرض، كما هو موضح في الصورة أسفله:

الإصحاح 18 من سفر يشوع، يفصّل حصة سبط بني بنيامين من الأراضي

سأكتفي بجزء من الأسماء الواردة في هذا النص ولن أخوض في التفاصيل التي خاض فيها الأستاذ فاضل الربيعي، وخصوصا وأن الغاية من هذه المشاركة هو إنارة بقعة ضوء من حقيقة، واخترت أن تكون الأسماء لمواضع تمكنت من حصرها جغرافيا وبعضها مرفق بصورة حديثة.

الأسماء في النسخة العربية	الأسماء في ترجمة فاضل الربيعي	الهمداني والشعر العربي والموسوعة الشاملة للمراجع العربية	الموقع الحالي
سبط يامن	سبط يامن	الاسم مرتبط بـ جبل يامن	قرب جبل صبر في محافظة تعز: الموقع ، صورة .
.الأردن	اليردن	وادي يردن أو يرد نسبة لقبيلة اليرد	الأماكن المجاورة في الوصف بعضها موجود إلى يومنا في محافظه حجة شمال اليمن
أريحا	يريحو	أريحه	قرب شِبام وتوجد باليمن أكثر من شبام كما يبيّن هذا الرابط: http://bit.ly/YtSpbL وأشهرها شبام حضرموت أو ما يسمى منهاتن الصحراء المدينة الأثرية ذات المباني الطينية الشاهقة وهذه صورة لها
بيت آون	بيت ءون	أون وأوان: مياه نجدية بين العارض وجبل الدبيل
لوز	لوزة	لوزة	يضعها الهمداني في بني الحارث وهي مديرية في شمال محافظة الأمانة
بيت إيل	بيت ءيل	الإل ويذكر فاضل الربيعي عدة أمثلة من الشعر العربي للمكان
قرية بعل	بعال	بعال	يضعها بجانب العرم
قرية بعاريم	يعريم	العرِم	يضع بئر العرم شرق الرحبة وهي في بني حارث في محافظة الأمانة
وادي هنوم	هنوم	هنوم	عذر وهنوم (حسب الهمداني)
بيت حورون	بيت حورون	حوران	شرق صنعاء
عقبة أدوميم
حجر بوهن	حجر بوهن	حجر أوبن	جبال بلد خزلان
الكتف	كتاف	كتاف
العربة
بيت حجلة	بيت حجلة	الحجلة	اسمها اليوم البيضاء وبها وادي حجلة
بحر الملح	وادي الملح	وادي الملح
وادي قصيص	قصيص	قصيص (امرؤ القيس) وقصص عند الهمداني	بجانب وادي حجلة
الفارة	القارة	القارة	أكثر من عشرين موضعا  تحمل هذا الاسم، بعضها في صنعاء وبعضها قرب شبام (شبمه في التوراة) في حضرموت
عفرة	عفاره	عفارة	أكثر من 17 موضعا يحملون نفس الاسم في اليمن وبعضها في صنعاء
كفر العموني	كفر العمون	يعموم	يوردها الهمداني قرب ريعان وهي قرب صنعاء
الرامة	الرامة	الرما	ويورد الهمداني الرما بجانب ذبحان وكلاهما في محافظة تعز
المصفاة	المصفة	الصفاة أوالصفا وترد في شعر امرؤ القيس	وهي قرب الكفيرة
الكفيرة	الكفيرة	الكفيرة عند الهمداني قرب بيشة	يضعها الهمداني قرب بيشة
صيلع	صيلع	صيلع	صيلع وهو جبل في حضرموت(الموقع، صور)
اليبوسي هي أروشليم		بيت بوس	بيت بوس (الموقع في الدليل الشامل: http://bit.ly/ZxTJbz )

المثال الثاني سأورده من سفر عزرا الإصحاح الثاني وهومن الأسفار الأدبية الشعرية، وهو عن أسماء القبائل والجماعات التي عادت من السبي البابلي الذي قام به  نبوخذ نصر، لتبني الهيكل الثاني.

سفر عزرا الإصحاح الثاني

الصورة توضح الأسماء الواردة في النسخة المترجمة إلى العربية وفي  الجدول التالي بعض الأسماء المستخرجة من النص العبري المترجم حسب فاضل الربيعي، والضبط العربي المقابل في أسماء القبائل العربية عند الهمداني وغيره ورابط لمراجع ورد فيها نفس الإسم بالضبط العربي:

الإسم في العبرية	الضبط العربي	مراجع
بنو جبر	بنو جبر	http://bit.ly/Ya6ZpR
بنو بيت لحم	بنو لخم	http://bit.ly/Ya75Og
بنوحريشه	حريش	http://bit.ly/Ya7wbh و http://bit.ly/Ya7y2Y
بنو صيحه	صيحه	http://bit.ly/Ya7H6s
بنو حسفه	حسفه	http://bit.ly/Ya7QH2
بنو رصين	رضين ورضوان	http://bit.ly/Ya80y2
بنو ناصح	بنو ناصحه	http://bit.ly/Ya8ap5
بنو حجاب	حجاب أو الحجابات	http://bit.ly/Wjmxa8
بنو عبيد	عبيد أو بنو عبد	http://bit.ly/Wjmxa8
بنو شلمه	سلمه	http://bit.ly/Wjmxa8
بنو حشم	حشم	http://bit.ly/Ya8zba
بنو أمير	أمير	http://bit.ly/Ya8K6m
بنو أزن	أذن أو الأذن	http://bit.ly/Ya8R1Q
بنو كروب	أكراب أو الأكراب	http://bit.ly/Wjmxa8
بنو جزم	جذم	http://bit.ly/Ya8zba
بنو حقوفه	حقف بوادي الأحقاف (حيث قبر النبي هود)	http://bit.ly/Ya9wQR
بنو برقش	براقش	http://bit.ly/Ya9BUC
بنو قروس	بني قريس	http://bit.ly/Ya80y2
بنو سوطه	السوط	http://bit.ly/Yaa21e
بنو حارف	بنو خارف	http://bit.ly/Ya7gsE
بنو نطوف	نُطوف أو النطاف	http://bit.ly/Yaa21e

أي أن السبي البابلي حصل في اليمن،  وأن القبائل والجماعات التي تم سبيها كانت تعيش في اليمن وإليه عادت بعد التحرر من السبي.

 سأكتفي بهذين المثالين لتِبيان تطابق الأسماء، وعلى من أراد المزيد أن يرجع لكتاب "فلسطين المتخيلة لفاضل الربيعي، أو أن يستخدم روابط المراجع ونصائح البحث التي سأوردها في آخر هذه المشاركة للتحقق  من أسماء المواضع التي أوردتها التوراة، فسيجد الكثير الكثير منها في اليمن، فمثلا يمكن البحث عن المواضع التي تم نقسيمها على الأسباط الاثنى عشر وبقية الأحداث التاريخية الورادة في سفري يشوع وصموئيل وأتمنى أن تخوضوا التجربة بأنفسكم.

أعلم أن الموضوع ليس هيّنا على العقل، وأن البعض بدأت تثور في عقله تساؤلات عن كثير من الأمور، لكن سأكتفي في هذه المشاركة بالخوض في موضوع واحد وهو ما يتعلق بالذرائع التي قام عليها الاحتلال الصهيوني لفلسطين بدعم وتواطئ الكثير من دول العالم،

فالأرض التي عاش فيها بنو اسرائيل وأقاموا فيها دولتهم والتي تم سبيهم منها وعادوا إليها هي ليست فلسطين بنص التوراة، والمواضع المذكورة تنطبق على الجزيرة العربية عامة واليمن خاصة.

واخترت هنا أن أقدم بعض الأمثلة المرفقة بالصور أو بالأدلة عن مواضع ذات أهمية خاصة:

- جُرش بالضمة وهي اسم يرد كثيرا في التوراة : وجرش هذه حسب فاضل الربيعي والهمداني ليست جَرش الأردن وإنما جُرش عسير في السعودية

- بيت بوس وهي أورشليم، ففي سفر يشوع يقول: " فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ"،و "ذهب داود وكل اسرائيل الي اورشليم اي يبوس وهناك اليبوسيون": سفر أخبار الأيام الأول 11: 4) وبيت بوس هذه حصن لليهود يُطل من على جبل على مدينة صنعاء، ويمكن مشاهدة الصورة أو البحث عن صور للمكان على محركات البحث.

- قادش أو قَدش وهي ليست أورشليم في التوراة هي قَدس بالفتحة التي تقع في جنوب محافظة تعز ، وهي مكان ساحر الجمال يعجز اللسان عن وصفه، وهذا http://bit.ly/1GHo7cm رابط لصور لهذا المكان الساحر الذي يصفه أهله بـ "الجنة".

من أجل التحقق من مما جاء في كتاب "فلسطين المتخيّلة" وجدت نفسي مضطرا للعودة للكثير من الكتب والمواقع على الشبكة العنكبوتية والبحث في خرائط اليمن عن المواضع المذكورة، ومن الواجب القول أن المؤلف نجح في كثير من المطابقات فقد  ووجدت الكثير من الأماكن التي ذكرها، وبعض الأماكن لم أنجح في العثور عليها أو لم أقتنع بسبب بعدها عن بقية الأماكن الواردة في سياق الحدث الذي يذكرها، لكن في المجمل وجود هذه الأماكن بنفس الترتيب والوصف الجغرافي آخذين بعين الاعتبار أن المسافة الزمنية الفاصلة بين كتابة أسفار التوراة والهمداني تُجاوز ألفاً وخمس مئة سنة، وبيننا وبين الهمداني أكثر من ألف يجعل من هذا التطابق أمرا أكثر صعوبة.

أثناء هذا التجوال الرقمي في أرض اليمن، وجدتني أعرف هذا البلد ولا أعرفه، فأنا لم أزره قط، لكن من جهة أنا أعرف أماكنه جيدا من الأشعار والمعلقات الي قرأتها صغيرا، والتي  لم أكن أعتقد عندما قرأتها أنها ستكون يوما مرجعا تاريخيا مهما لأسماء الأماكن في الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى ستجد نفسك أمام جغرافيا تتسم بالجبال الخضراء التي تجري من تحتها وديان وتشتهر بالزراعة وبانتاج أجود أنواع العسل وتربية الأنعام، وتزخر بالمواقع الدينية والأثرية والتاريخية التي يعود عمرها لأكثر من ثلاثة آلاف سنة  والتي لا مجال لذكرها هنا، وتحتاج لعشرات من المشاركات، لكن أنصحكم باستخدام محركات البحث للتعرف على اليمن ولو عن طريق الصور وسأعطيكم أمثلة فابحثوا وتمتعوا بما ستشاهدون: جبل صبر وحصن العروس، قلعة القاهرة في تعز، جبال إب الخلابة، حضرموت، سقطرى وغيرها الكثير الكثير.

في آخر الكتاب يحاول فاضل الربيعي التمييز بين  حبرى أو حبرون التي دفن فيها ابراهيم عليه السلام  زوجته سارة وبين حبرون التي يرد ذكرها في حروب داود، ويشير إلى قصة لكعب الأحبار تتحدث عن مكان اسمه حبرى في وادي القرى (غير بعيد عن مكة) وهنا أورد النص الوارد في الترجمة العربية للتوراة من سفر التكوين إذ يقول: "
وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ. وَمَاتَتْ سَارَةُ فِي قَرْيَةِ أَرْبَعَ، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَى إِبْرَاهِيمُ لِيَنْدُبَ سَارَةَ وَيَبْكِيَ عَلَيْهَا. وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَكَلَّمَ بَنِي حِثَّ قَائِلاً:
 «أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي»."
وهنا اشارة أن ابراهيم كان غريبا عن المكان ونزيل يطلب مُلك قبر في منطقة اسمها قرية أربع (كريات أربع) التي هي حبرون.

ولا يفوتني  الإشارة هنا إلى النص الذي اعتمد عليه اليهود في اعتبار فلسطين أرض الميعاد،  إذ يقول في سفر التكوين 13:14 - 13:15:
"وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ، بَعْدَ اعْتِزَالِ لُوطٍ عَنْهُ: "ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالاً وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا، لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ"، أي أن هذه الأرض التي يقف عليها هي له ولذريته على اعتبار أن إبراهيم عليه السلام كان في حبرون - الخليل. ويقابل هذا النص في القرآن ما دعا به إبراهيم عليه السلام  الله بعد رفع القواعد من البيت:

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (126) {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (127) {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (128) {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (129) -البقرة -

فهنا يدعو سيدنا ابراهيم أن يكون هذا البلد آمنا وأن يرزق أهله من الثمرات وأن تكون من ذريتهما أمة مسلمة ويبعث فيهم رسولا منهم.، وسأكتفي بهذه الإشارة وإن شاء الله سأخصص لهذا الموضوع مشاركة أخرى.

ومن الأشياء اللافتة للانتباه وقد اكتفى  فاضل الربيعي في كتابه فلسطين المتخيّلة بالاشارة إليها هو هذا الاقتباس من كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني: "ثم تمضي في رأس العارض ويحبس عليك العرض فترد القرية من وراء الأبكّين وهما قرنان جبيلان قرية بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة وهي قرية جيدة وفيها قصر سليمان بن داود عليه السلام مبني بصخر منحوت عجيب خراب". فالهمداني يشير إلى قصر يرجع للنبي سليمان عليه السلام في منطقة اسمها سدوس، وليس الهمداني الوحيد في ذلك، فهذا رابط لمراجع أخرى ذكرت هذه المعلومة منها: معجم البلدان لياقوت الحموي والمفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي والروابط المرفقة مع الأسماء تشير إلى الصفحات التي تذكر المعلومة، ويكفي وضع كلمات سدوس وقصر سليمان على محرك بحث للعثور على كثير من الصفحات والصور عن الموضوع.

و سدوس كما تصفها مقالة للشرق الأوسط هي "أقدم مستوطنة بشرية في الجزيرة العربية تتحول إلى أطلال" وهي تقع ضمن محافظة الدرعية  القريبة من العاصمة السعودية الرياض، وهي المحافظة الأولى في المملكة العربية السعودية والدرعية القديمة هي عاصمة الدولة السعودية الأولى.


يصل المؤلف في نهاية الكتاب لنتيجتين غاية في الأهمية مفادهما أن:

- قبيلة بني إسرائيل ليست إلا قبيلة عربية بائدة عاشت في الجزيرة العربية والفلشتيم المذكورين في التوراة ليسوا الفلسطينيين.

- وأن مسرح أحداث التوراة هو الجزيرة العربية وأن احتلال فلسطين ليس إلا نتيجة اسقاط كاذب لهذا المسرح.

بني احتلال فلسطين على نصوص توراتية، ولنعترف أننا لم نفكّر في قراءة النصوص التي اعتمد عليها الصهاينة في هذا الاحتلال، فلماذا لم نقرأ؟ وأكثر من ذلك  أننا استسلمنا للفكرة، فبالرغم أن علماء الآثار لم يجدوا أثرا لآنية واحدة تثبت أن بني اسرائيل مروا في فلسطين ولم يعثروا على حجر واحد من هيكل سليمان إلا أننا نحن من يردد هذا التاريخ المغلوط عن قيام دولة لبني اسرائيل في فلسطين ونحن من يذكر أنه تمّ سبي بني اسرائيل منها على يد نبوخذ نصر، وصحيح أننا نعارض فكرة وجود الهيكل تحت الأقصى لكن لا نمانع في وجوده في مكان آخر، بل واقتنعنا أننا شعب الفلسطة الذين قدِموا من جزيرة كريت واستوطنوا في فلسطين، فلنعترف أنهم كتبوا تاريخنا وصرنا نحن ما كتبوا.

اثبات أن أحداث التوراة حصلت في اليمن وليس في فلسطين، ليس نداءً لترك فلسطين واحتلال اليمن، بل بالعكس ما ذهب إليه فاضل الربيعي في كتابه و هذا الاكتشاف لا يعطي حقا للصهاينة ولا لليهود بأن يطالبوا بأي حق لا في اليمن ولا في غيرها، فبنو اسرائيل قبيلة عربية بائدة عاشت في اليمن مثلها مثل كل القبائل العربية التي عاشت فيها وليس من المقبول ولا من المعقول بأن يطالب يهودي من أوروبا أو من  آسيا أو من افريقيا بأي حق في اليمن، تماما كما ليس لأي مسلم سواء كان آسيويا أو أوروبيا وحتى عربيا بأن يطالب بحقه كقرشي في أرض مكة فقط لكونه مسلما.

من المهم جدا مواصلة البحث لحين كشف الحقيقة كاملة، ومن الضروري:

- انشاء قاعدة بيانات لكل المواضع التي لها علاقة بهذا الموضوع سواء المواضع الأصلية التي حرّفت أو المواضع التي أُسقطت عليها الأسماء، وارفاق كل موضع بكل المعلومات التاريخية المتعلقة به من مراجع ومخطوطات وصور وخرائط

- الاهتمام رسميا وأكاديميا بآثار الجزيرة العربية الموجودة منها والتي أخذت والتي لا زالت مخفية لم يتم كشفها  بعد، فهذه الآثار هي الدليل المادي الذي سيعزز  حقيقة أن الجزيرة العربية هي المسرح الحقيقي لأحداث التوراة وليس فلسطين، التي فشل كل باحثي الآثار في العثور فيها على أثر واحد يثبت كذبة أن فلسطين أرض الميعاد وبلد الهيكل.

- ترجمة كل الأبحاث والاكتشافات إلى اللغات الأخرى وخصوصا العبرية.

- اعطاء هذه الحقيقة التغطية الاعلامية اللازمة والعمل على نشرها في كل المواقع الاخبارية والتاريخية ومواقع التواصل.

قد يتساءل البعض ما أهمية ذلك؟ فما الفرق أن تحدث أحداث التوراة في اليمن أو في فلسطين؟ والإجابة ببساطة هي:

- أن احتلال فلسطين وكل الحروب والدمار الذي شهدته وتشهده منطقة بلاد الشام والبلاد العربية هو نتيجة هذا التزييف:

- لا يحق لليهود احتلال فلسطين، لأنها ليست أرضهم، وليس هناك أي وعد لهم بأن تكون الأرض ما بين النيل والفرات أرضهم.

- ولن يخشى حينها أي مسؤول أو شخص أن يكون معاديا للسامية إن قال أنه ليس من حق اليهود اقامة وطن لهم في فلسطين، بل سيكون معاديا للإنسانية لأنه سيساهم في تشريد الشعب الفلسطيني وحرمانه من أرضه.

- ويجب أن يعرف كل يهود العالم أنهم خُدِعوا وأنهم ضحية تحريف التوراة عن مواضعها الحقيقية، وأن فلسطين ليست أرضهم، وليعلموا أيضا أنهم يؤدون عباداتهم في أمكان لا علاقة لهم بها وأن حائط المبكى ليس في القدس، وأنهم يبكون في المكان الخطأ.

- وهذا لا يعني أبدا أنه بمجرد اعتناقهم للديانة اليهودية أن ذلك يعطي لهم الحق في احتلال الأرض التي بها حائط المبكى سواء كان ذلك في فلسطين وفي أي مكان آخر خاصة وأن البكاء ليس إلا عادة عربية موروثة دأب العرب القدماء على القيام بها ، وخلّدتها قصائد الوقوف على الأطلال والتي تحوّلت إلى شكل من أشكال العبادة عندهم.

إن الأساس الذي بني عليه احتلال فلسطين هو "كذبة"، أو ما اصطلح عليه فاضل الربيعي في كتابه بـ "الجريمة الأخلاقية"، هذه الجريمة قد اشترك فيها كثيرون بقصد وبغير قصد وبعلم وبغير علم، وآن للحقيقة أن تظهر وأن تعود فلسطين لأهلها وأن يعيش أهل هذه المنطقة بسلام.


الكذبة القائلة أن فلسطين أرض الميعاد والهيكل، بذرة خبيثة أنبت شجرة خبيثة جذعها احتلال وأشواكها متجددة من أسلحة وأموال ووسائل اعلام، نحاول قطع الأشواك فتدُمينا، ننجح في قطعها تارة وتارة نفشل، مُهِم أن نقاوم الأشواك لكن الأهم أن نخلع البذرة. 


المراجع:

- الموسوعة الشاملة: وبها عدد ضخم جدا من المراجع العربية والتراجم المختصة في أغلب العلوم، وللبحث ضمن الموقع نفسه  يمكن استخدام خاصية البحث الموجودة على الموقع: http://islamport.com/ أو عن طريق جوجل على الرابط التالي: http://bit.ly/15O98ts فقط بادخال الكلمات المراد البحث عنها والضغط على بحث.
- صفة جزيرة العرب للهمداني بصيغة (PDF):
 الرابط الأول، الرابط الثاني
- الإكليل للهمداني بصيغة PDF
- البحث عن يسوع، كمال الصليبي بصيغة PDF أو RAR
- الكتاب المقدس: موقع يقدّم ترجمة عربية للكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد وهو مزوّد بمحرك بحث يرصد الكلمة المبحوث عنها عينها أو كلمة تشملها.
- موقع يمنَّا: http://www.yemenna.com وهو موقع مختص ودليل شامل للمحافظات والمدريات والعزلات والقرى وكافة المواضع في دولة اليمن, وهو مزود بمحرك بحث يعمل بمبدأ محاكاة الكلمة عن تطريق استبدال الحروف بحروف أخرى للعثور على أكبر عدد من النتائج المشابهة للكلمة المراد البحث عنها، ولمن يريد استخدام هذه الموقع للبحث عن الأسماء الواردة في التوراة، أن يجرب الكلمة ذاتها أو باستبدال حرف بحرف آخر ومع التجربة سيكتشف أن يمكن المبادلة بين الدال والذال والسين والشين والجيم والحاء والخاء والذال والزاي والصاد والضاد (وهي غير مومجودة في اللغة العبرية)  وغيرها سيكتشفها الباحث بالتجربة.
- صفحات الوكيبيديا تقدم معلومات شاملة عن كثير من المواضيع والأسماء الواردة.




للمتابعة
على تويتر: https://twitter.com/Safwat_Safi
على الفيسبوك: https://www.facebook.com/safwat.safi
على جوجل +: https://plus.google.com/u/0/114044892980825575911/posts