السبت، 13 أبريل 2013

وادٍ غيرِ ذي زرع وليس غير ذي ماء

القرآن كتاب عظيم وفيه القصص الحق، وقد أمرنا منا الله سبحانه وتعالى بتدّبر آياته، ومن الآيات التي طالما فكرت في كلماتها هذه الآية : 


 الآية 37 من سورة إبراهيم، مصدر الصورة



الآية (37) من سورة إبراهيم: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"

تمّ شرحها لنا على أنها ترك سيدنا إبراهيم لأمنا هاجر مع طفلها إسماعيل في واد قحط بلا ماء ولا طعام، ودعا ربه أن يبعث إليهما الناس ويرزقهما، في حين أن تدبّر الآية لا يوصل هذا المعنى:

فهو يقول:

"ربّنا": وليس ربي

"إنّي" :  أنا إبراهيم

" أسكنت" : ولم يقل تركت، وإنما أسكنت، والإسكان يكون بتأمين سكن سواء كان ذلك ببنائه (وقد ذكر القرآن أن سيدنا إبراهيم واسماعيل هما من رفع قواعد البيت) أو بشراء سكن جاهز) 

"من ذريتي":  من ذريته أي امتداد لنسله، وقد يكون المقصود أبناء أو أبناء وأحفاد وليس بالضرورة ولدا واحدا 

"في واد غير ذي زرع": ولم يقل غير ذي ماء أو غير ذي طعام، وإنما لعدم وجود  حرث وبذر وزرع في الأرض، وهذا لا يمنع وجود الماء وما توفره الأنعام من قوت (من ألبان ولحوم) وما كان يدّخره الناس من طعام، وخصوصا أن عملية إسكان الذرية قد تتطلب وقتا وجهدا، ولا ننسى أن القرآن ذكر كيف قدّم سيدنا إبراهيم لضيفه عجلا وهذا دليل كرم وغنى، 

"عند بيتك الحرام" وهذه اشارة لوجود البيت الحرام وأن سيدنا إبراهيم يعلم بذلك وذريته أيضا تعلم ذلك

"ربنا ليقيموا الصلاة"  ولم يقل يقيما دليل على أن المقصود جماعة من ذريته ولم يقل أيضا ليصلوا بل ليقيموا الصلاة عند البيت الحرام وهذه مهمة عظيمة.

"فاجعل" (وهنا يدعو الله) 

"أفئدة من الناس تهوي إليهم": وهذا دعاء لتوافد الناس (وذكر الأفئدة هنا دليل على القيام بذلك عن حب ولهفة تماما كما يحدث مع من يقصد مكة في وذلك الشعور الجميل الذي ينتاب الفؤاد) علهيم وهم يقيمون الصلاة في هذا المكان 

"وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون": وهذا دعاء بالخير والرزق بالثمر الذي لا يوفره هذا المكان لأنه "غير ذي زرع" والشكر لنعمة لله واستمرار الحياة لهذه الذرية في هذا المكان.

وهذا يدلّ أيضا أن سيدنا إبراهيم وذريته كانوا يعيشون بالأساس في مكان ذي زرع، وكانوا يأكلون مما تنبت الأرض ومن ثمارها، وعندما سكنوا عند البيت الحرام ليقيموا الصلاة، وذلك المكان ليس فيه زرع، هناك دعا سيدنا إبراهيم أن يرزقهم مما نقص عليهم من الثمرات بقدوم الناس إلى المكان الذي نزلوا فيه للعبادة أو للتجارة لعلهم يشكرون.


فهل يستوي المعنيان؟ 






للمتابعة
على تويتر: https://twitter.com/Safwat_Safi
على الفيسبوك: https://www.facebook.com/safwat.safi
على جوجل +: https://plus.google.com/u/0/114044892980825575911/posts

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق