السبت، 26 ديسمبر 2015

هكذا يلبس يوسف زيدان بدلة العلماني ويتحدث بلسان حاخام

أثارت في الآونة الأخيرة تصريحات ليوسف زيدان عن حق اليهود في القدس لغطا كبيرا وتفاوتت ردود الفعل بين الانفعال والتأييد  النابعين حتما من عواطف دينية لا علاقة للعقل والمنطق بها، هنا سأتناول هذه التصريحات بشكل موضوعي وموجز وبعيد عن العواطف الدينية.

يمكن تلخيص ما يقوله زيدان في النقاط التالية:

- اليهود العائدون من السبي أقاموا معبدا كبير في بلدتهم الصغيرة بيت همقداش (أورشليم) والتي سكنها قبلهم جماعات كنعانية ويبوسية.
- سنة 70 ميلادية دمر قائد روماني إسمه تيطس المدينة الصغيرة أورشليم (بيت المقدس) والتي بالغ اليهود في الحديث عن عظمتها وحطّم معبدها المسمى هيكل سليمان بسبب مكر اليهود وحديثهم عن المخلص القادم ورغبتهم في إقامة دولة دينية.
- سنة 135 ميلادية أزال الإمبراطور الروماني "إيليوس هادريانوس" البقايا الباقية من بلدة أورشليم وأقام مدينة إيلياء وصارت مدينة مسيحية وشيدت فيها لاحقا الإمبراطورة هيلانة كنيسة القيامة.
- وبعد ذلك صارت المدينة عربية مسلمة.


وبحسب زيدان يمكن اختصار تاريخ مدينة القدس في أنها:

- عربية مسلمة لمدة ألف سنة تقريبا
- سريانية آرامية مسيحية لمدة 800 سنة تقريبا
- عبرية يهودية لمدة 500 سنة تقريبا
- فلسطينية لعدة قرون (البلستيون القادمون من البحر)
- يهودية لعدة قرون
- كنعانية لعدة قرون


- ويضيف أن المكر اليهودي يدفعهم في عصرنا لشن حرب دينية بدعوى أنهم يطهرون الأرض ليتحقق وعد الرب الذي قد تحقق في نظر زيدان وأن ما يقومون به هو بطش وعمل لا ديني يخالف وعد الرب، وأن خوض الحروب بين من يسكنون الأرض من عرب (يقصد زيدان الفلسطينيين)  وعبرانيين (يقصد زيدان بها الصهاينة) هو عمل أحمق.



- وأن القدس ليست مدينة مقدسة للمسلمين، وأن المسجد الأقصى في القدس ليس هو المقصود بآية الإسراء وإنما المقصود بها مسجد بالجعرانة قرب مكة ورد ذكره في كتب عربية، وأن المسلمين قدسوا المدينة بناء على تقديس اليهود لها.



يمكن استخلاص مما سبق أن يوسف زيدان يتبنى القصة التوراتية (الإستشراقية) ولكنه يتعارض معها في التفاصيل كالقول أن المدينة كانت صغيرة وليست عظيمة كما يزعم اليهود، ويقرّ بأن ما حدث هو تحقيق لوعد الرب لكن مكر اليهود دفع المسيحيين للقضاء على مدينتهم وبناء قدسية لهم فيها  تماما كما فعل المسلمون بعد ذلك، وفي النهاية الفلسطينيون الحاليون واليهود لهم حق في المدينة.



المعلومات التالية وإن كانت مزعجة لأتباع الديانات الثلاث لا تخفى على الباحثين الجادين في تاريخ القدس وفلسطين:



- لا يوجد أثر واحد في فلسطين يعود لمملكة داوود أو سليمان أو هيكل أو أي شيء آخر له علاقة بقصص التوراة

- لا يوجد أثر واحد في فلسطين له علاقة بقصص المسيح، وأن كنيسة القيامة القدس وكنيسة المهد في بيت لحم بنيت بعد مئات السنين من الوقت المفترض لميلاد المسيح
- لا يوجد أثر واحد في فلسطين له علاقة بقصة الإسراء والمعراج وأن قبة الصخرة بنيت سنة 72 للهجرة وأن الجامع القبلي بني سنة 95 للهجرة بناء على روايات وقصص وتفسيرات ربطت بين سورة الإسراء والمدينة

إيمان أتباع الديانات بقدسية المدينة نابع فقط من تصديقهم للقصص التي ورثوها وليس متربطا البتة بآثار، وهذا الإيمان المطلق بالموروث يدفع أتباع كل ديانة لمواجهة أي تعرض لهذه المقدسات أو حتى لفكرة قدسيتها مما قد يؤدي إلى نشوب صراعات دموية.


وبما أنه لا توجد آثار في فلسطين يمكن الاعتماد عليها لتأكيد القصص الدينية للديانات الثلاث فالعقل والمنطق يستوجبان إسقاط البعد الديني والتعامل مع ما يحدث بإعتباره احتلالا استيطانيا من عصابات صهيونية مختلفة الأجناس لأرض شعب عُرِف تاريخيا بإسم الفلسطينيين، وليس تبني القصة التوراتية كمرجع رئيس لوضع تاريخ للمدينة والمنطقة كما يفعل يوسف زيدان وفعل التوراتيون والمستشرقون من قبل.



يؤكد فاضل الربيعي بما لا يتعارض مع العقل بأن قصص التوراة تتحدث عن قبيلة عربية بائدة إسمها بنو إسرائيل عاشت في الجزيرة العربية ولا علاقة لهذه القبيلة بفلسطين ولا بالصهاينة الذين قدموا  بعد آلاف السنين من مختلف أصقاع الأرض ليحتلوا أرض فلسطين، وهذا المبدأ ذاته ينسحب على أي قصص تؤسس لحق ديني لأي طرف في أرض فلسطين، فكل تلك القصص سواء كانت حقيقية أو أسطورية هي قصص قديمة لا يمكن إستحضارها من الماضي السحيق ليدفع ثمنها أبناء الحاضر والمستقبل.



ورغم أن يوسف زيدان يزعم بأنه يعارض  الطابع الديني لما يحدث في فلسطين، إلا أنه يريد أن نصدق القصة الدينية إلى الحد الذي يعطي لصهاينة يهود في القرن الواحد والعشرين حقا في أرض فلسطين بناء على قصص عن قبيلة عاشت قبل آلاف السنين ثم يطالب بتفريغ الصراع من الطابع الديني والقبول بفكرة العيش المشترك بين العبريين على حد قوله (الصهاينة) والعرب (أي الفلسطينينن) على هذه الأرض التي يعتبر أن لهم فيها حقا مشتركا، وأن عدم إقتناعهم بهذه الفكرة يجعل منهم حمقى في نظره!



يوسف زيدان شاء أم أبى يترديده للقصة التوراتية الإستشراقية وإقراره بحق اليهود في فلسطين يرسّخ البعد الديني لإحتلال فلسطين ويشارك في جعل هذا الصراع دينيا لا نهاية له، فهل يقبل يوسف زيدان أن تدعي جماعة في هذا العالم أن لها حقا دينيا في مصر؟


الفلسطينيون شعب سرق رجال الدين والمؤرخون تاريخهم، فلا تكاد كتب التاريخ تذكرهم وإن ذكرتهم فتجعل منهم الأعداء الغزاة، فأي تاريخ وأي تلفيق هذا؟


الفلسطينيون ليسوا استثناء عن شعوب الأرض، فهم لا يدافعون عن حقهم الديني في أرضهم  وإنما عن حقهم كأي شعب في هذا العالم في أرضه.


لمن يريد التحقق من كلام يوسف زيدان، الرابطان أدناه لتبيانين من خمسة نشرها على صفحته على الفيسبوك لتوضيح وجهة نظرة في موضوع القدس:



التبيان الأول فى المسألة المقدسية . . عن المكر اليهودى :

https://www.facebook.com/youssef.ziedan/posts/10153444157933640


التبيان الثانى فى المسألة المقدسية . . عن أصل المعراج :

https://www.facebook.com/youssef.ziedan/posts/10153445835173640


للراغبين بتناول وجهة نظر علمية موثقة بالأدلة، يمكنهم العودة للتدوينات التالية على مدونة العقل زينة وهي:

- فلسطين ليست أرض قصص التوراة: ملخص كتاب التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها لعالم الآثار الصهيوني إسرائيل فنكلشتاين ونيل سيلبرمان، وهو كتاب يثبت بدليل الآثار عدم إمكانية حدوث قصص التوراة في فلسطين:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2015/09/blog-post.html

- عن اختلاق اسرائيل القديمة وإسكات التاريخ الفلسطيني على أرض فلسطين للعالم التوراتي كيث وايتلام، والذي يثبت كيف تمت سرقة التاريخ الفلسطيني وصناعة تاريخ توراتي في المنطقة:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2014/05/blog-post_15.html

- مسرح أحداث التوراة ليس فلسطين ـ تحريف الأحداث عن مواضعها: أكبر كذبة في التاريخ، عن كتاب فلسطين المتخيلة لفاضل الربيعي، والذي يضح مسرحا جغرافيا بديلا يقبله العقل لقصص التوراة وهو في اليمن القديم. التدوينة تقدم مثالا على عمليات التدقيق التي قمت بها على الكتاب:
http://el3a2elzineh.blogspot.com/2013/03/blog-post.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق