نعيش حالة تيه منذ سبعين عاما لا نعرف كيف السبيل إلى الدخول إلى اﻷرض المباركة أو السبيل إلى استعادة وطننا وحقوقنا المغتصبة، تُهنا في الفكرة، في إيجاد التعريف الحقيقي لقضيتنا والتبس علينا دورنا فيها، فهل نحن أهل الرباط المدافعون عن مقدسات أمّة دونًا عن شعوب العالم كلها أم نحن شعب يناضل من أجل تحرير أرضه واستعادة حقوقه المغتصبة ليعيش مثل بقية شعوب العالم كلها.
نعيش منذ عقود عذاب التهجير واللجوء والتشتت، بعضنا هنا وبعضنا اﻵخر في أي مكان إلا هنا، نناضل من أجل لمّ شمل، من أجل جواز سفر أو هوية، نتجرع عنصرية المطارات والموانئ والمعابر الحدودية لا لشيء إلا لأننا أصحب القضية.
اغتصب الاحتلال الصهيوني معظم أرضنا ويبتلع يوما بعد يوم المزيد منها، نعيش معاناة الدمار والحصار والجدار والانتظار حيث لا جدوى من الانتظار في هذا العالم الشاهد الصامت.
ما أن تنقل وكالات اﻷنباء خبرا عن القدس تتحرك العواطف وتشتعل الميكروفونات بالشعارات والدعوات للمؤازرة والمساندة التي سوف تتلاشى بعد سويعات إلى سراب.
إذا كان تعريف القضية الفلسطينية هو قضية مقدسات إسلامية اغتصبها محتلون يهود (وهو التعريف المعمول به منذ قرار التقسيم)، فعلى دول ما يسمى باﻷمة اﻹسلامية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة من أجل استعادة هذه المقدسات وفي انتظار حدوث ذلك عليها أن تقدّم بلا منّة كل الوسائل الضرورية لعيش كريم للفلسطينيين الذين تضرروا من هذا الصراع على المقدسات التي تم اختيار أرضهم لتكون موقعا لها والاستمرار في حالة الانتظار وأن لا يتم اعتبار أعمال المقاومة والدفاع عن المقدسات إرهابا كما يحدث في الآونة الأخيرة .
وإن كان تعريف القضية الفلسطينية هو قضية احتلال أرض وتهجير أهلها وحرمانهم من حقوقهم عليها، فهنا تكون القضية قضية الفلسطينيين كلهم: في فلسطين المحتلة عام 48 وفي الضفة وغزة وفي الشتات، وعندها سيكون النضال بكل الوسائل من أجل استعادة أرضهم وحقوقهم محل دعم واحترام كل من يؤازرون الحق في هذا العالم، فلا يخاطبون العواطف ولا يستجدون المساعدة من أحد ولا يناشدون أحدا باسم المقدسات، فلا جدوى من مناشدة أنظمة أغلبها تربطه علاقات طيبة مع الاحتلال ولا من شعوب لا حول لها ولا قوة بعضها يشعر باليأس من حالة اللاجدوى التي يعيشون فيها.
علماء اﻵثار في كيان الاحتلال ينقبون منذ عقود عن أي أثر يؤكد الرواية التوراتية التي قام عليها هذا الاحتلال والتي تجعل من أرض فلسطين أرض مقدسات.. لم يجدوا شيئا، وبعضهم خرج عن صمته وأعلن أن لا أثر يؤكد حدوث هذه القصص على هذه اﻷرض بل أكثر من ذلك ففي هذه اﻷرض ما ينفي حدوث قصص التوراة فيها.
ورغم ذلك يعمل الاحتلال جاهدا من أجل ما سيمّكنه من دفن الحقيقة وترسيخ الأكاذيب إلى اﻷبد، وهو الاعتراف بيهودية الدولة.
علينا أن نختار بين الدفاع عن مقدسات ليست لنا وأرض ليست لنا وهواء ليس لنا وحدنا بل هو ﻷمة بأسرها أو ندافع عن أرضنا وعن بحرنا وعن هوائنا وعن حقنا في أن نعيش قبل أن يتم تصفية قضيتنا وإلى اﻷبد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق